أقوال

إن الأمة المستعبدة بروحها وعقليتها لا تستطيع أن تكون حرة بملابسها وعاداتها .(جبران خليل جبران) _______ الصمت ينطق، والخوف ينتصر على نفسه، والجدار السميك يصبح أشلاء متهاوية على الأرض. (عقل العويط)

السبت، 10 نوفمبر 2012

أمية قانونية بحقوق المرأة



الفرد في كل المجتمعات له حقوق وحريات مستحقة، تستند على قوانين تشرعها المجتمعات وتقرها الإنسانية، من أجل قيمة وكرامة الإنسان، وكل فرد في المجتمع يستحق التمتع بحريات أساسية من الأمن والأمان وقوانين تكفل له التمتع بتلك الحقوق القانونية، وعلى ضوئها يستطيع أن يتخذ القرارات والأعمال التي تصون وتنظم حياته.

والحقوق القانونية هي المعيار الذي يقيم الحريات وينظمها على فكرة العدالة، باعتبار العدالة مفهوما ذا طابع فلسفي وأخلاقي وإنساني حظي بالاهتمام عبر التاريخ البشري، ومن ثم صاغها في منظومة دولية لقواعد ومبادئ سميت ( حقوق الإنسان) في إطار نظام قانوني يحفظ تلك الحقوق، ويحقق له الأمن، وهي حقوق سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية تخص كل إنسان في المجتمع وتسعى إليها المجتمعات المدنية، باعتباره مواطنا يسهم في تحديد مصير مجتمعه، وباعتباره كائنا عاقلا حرا وقادرا على الفعل الإرادي المسؤول.

وفي ضوء هذه المداخلة المتعلقة بحقوق الإنسان في المجتمعات نجد أن الكثير من أفراد المجتمع يجهل حقوقه وواجباته القانونية، فأغلب الأفراد ليست لديهم الدراية والوعي الحقوقي الكافي الذي يمكنهم من الوقوف في ظل التسلط والجهل الذي قد يمارس في حقهم، وبالتالي تتأثر بأداء واجباته العملية العامة أو الخاصة وكذلك استمرارية ذلك الانتهاك والتسلط الممارس ضده، وكل ذلك بسبب الجهل بالآلية التي يتم من خلالها صيانة حقوقه وحرياته، فالتثقيف القانوني بالأنظمة الحكومية والتعاملات الاجتماعية والعملية والتجارية يكاد يكون شبه منعدم، مما يؤدي إلى تراكم القضايا القانونية المتعلقة بالجهل في القانون وتعاملاته، فالثقافة القانونية تعني إدراك مناحي القانون ( النظرية والعملية _ التطبيقية _ التشريعية) بحيث يعرف الفرد مصطلحات القانون وما تشير إليه من معان ترتبط بشتى المجالات، وأيضا معرفة الإنسان ماله من حقوق وما عليه من واجبات من خلال الآليات وأنظمة الدولة والوصول إلى وعي كبير لحدود المسؤولية بين الفرد والمجتمع من ارتباطات حقوقية سواء كانت مادية أو معنوية.

ولعل ابرز المتضررين من قلة الوعي الثقافي القانوني للحقوق هي المرأة، بحكم البيئة التربوية والاجتماعية التي تجعل من العادات والتقاليد السلطة العليا في مصير المرأة وتحديد تفكيرها، فأغلب التشريعات والأعراف تنصب في كون أن لها واجبات قانونية وتنفي أو تهمش حقوقها وحرياتها القانونية وعدم الثقة بقراراتها في الأسرة ومن ثم بالمجتمع، وتتفاقم مع جهلها بتلك القوانين وعدم مقدرتها على استثمار تلك الحقوق في مصلحتها، فالقيد المجتمعي يؤثر في مستقبلها وصنعها لقراراتها الخاصة لكون السلطة في المجتمع دائما بيد الرجل، فهناك الكثير من النساء تتعرض للعنف بجميع أشكاله تحت مفاهيم قمعية وعادات وتقاليد مجتمعية بالية من قبل الأب أو الأخ أو الزوج ولا تستطيع البوح أو الدفاع عن نفسها أو حتى تقديم شكوى بسبب الضغط الذي يمارس فيها من قبل المجتمع ويجبرها على السكوت والصمت وبالتالي سيعتبر اقرارا ضمنيا من قبلها لأحقية الرجل في ضربها وممارسة العنف ضدها باستمرار، وبالتالي ازدياد أعداد النساء المعرضات للعنف، وكل ذلك بسبب القيود المجتمعية التي تفرض عليها وضدها وجهلها بالقوانين التي تصون كرامتها وحقها في حياة كريمة وآمنة مع بقية أفراد المجتمع، كما أن العرف الاجتماعي لا يزال يشوبه الغموض فيما يخص أحقية ولي الأمر بالتحكم بقرارات المرأة في العائلة، فهو لا يزال يستطيع تزويج الفتاة مثلما يرغب بدون الرجوع لرأيها، أو أن يعضلها( أي يمنعها من الزواج ممن ترغب)، كما أن حقوق المرأة المطلقة ممثلئة بالثغرات الغير واضحة، والتي تنصب لمصلحة الرجل في النهاية حين يتعلق بنفقة الأطفال أو بإعطاء الجنسية لأطفالها حين تتزوج من غير جنسيتها وغيرها، كما أن التحرشات والإغتصابات التي تتعرض لها يتم التكتم عليها بسبب مفهوم العيب والفضيحة وبالتالي غياب الجاني من يد القانون واضطهاد الأسرة لها وتعذيبهم الدائم والمستمر لها مما قد يسبب عاهات جسدية ونفسية فيها، وكل ذلك بسبب جهل المرأة بحقوقها القانونية، وعدم وجود قوانين واضحة ومعممة فيما يختص بحمايتها من المشاكل التي تتعرض لها، فالمرأة بحاجة لقوانين تحميها وتساعدها وتزيد ثقتها بنفسها وبقدراتها في صناعة القرار.
ولعل أفضل وسيلة لحل تلك الثغرات في تلك القضايا بجعل المعلومة القانونية في متناول الجميع، وضرورة محاسبة الفساد ( المحسوبية والواسطة) الذي قد يؤثر في سير العدالة لجميع الأفراد عن طريق المؤسسات الإعلامية والتربوية والقضائية، بنشر حملة توعية مستمرة تختص بتوضيح وشرح القوانين، وكذلك إضافة جزئية في المنهج الدراسي تحتوي على مواد تثقيفية بحقوق الإنسان القانونية واحترام الحريات دون تمييز واجب كل دولة تهتم بصيانة كرامة الإنسان في مجتمعها، كما أن من الجيد وضع تشريعات قانونية جديدة تتناسب مع الأوضاع الحالية تساعد في جعل المرأة مساهما فعالا في التنمية ولها دور مساو للرجل ويحفظ مكانتها.


مقالي المنشور بجريدة الرؤية بتاريخ / ٧/ نوفمبر/ ٢٠١٢ 



ليست هناك تعليقات: