أقوال

إن الأمة المستعبدة بروحها وعقليتها لا تستطيع أن تكون حرة بملابسها وعاداتها .(جبران خليل جبران) _______ الصمت ينطق، والخوف ينتصر على نفسه، والجدار السميك يصبح أشلاء متهاوية على الأرض. (عقل العويط)

السبت، 26 فبراير 2011

مكانة المرأة مقياس لتطور المجتمع





'
إن التجارب المؤسسة على المشاهدات الصحيحة، تدل على أن حرية النساء تزيد في ملكاتهن الأدبية وتبعث فيهن إحساس الاحترام لأنفسهن وتحمل الرجال على احترامهن'.
قاسم أمين

لكل فرد دور في خدمة وتنمية المجتمع ومواجهة التحديات والتغييرات التي تحدث، والمشاركة بمجريات الحياة اليومية، وتعتبر الثقافة المدنية أسلوب المجتمع إلى التقدم والتميز بين مختلف المجتمعات، وبما أن الفرد يكتسب ثقافته من أسلوب وسلوك وقيم المجتمع الذي يعيش فيه فالمرأة لها دور فعال ومميز في المساهمة بحركة التنمية وخدمة مجتمعها لذلك لا ينبغي تجاهل دورها أو إقصائه واقتصاره بالخدمة الاجتماعية.
إن وجود ثقافة ناضجة بالمجتمع تساعد على بناء الثقة بمشاركة المرأة في صنع القرار وشعورها بالانتماء. وحتى الآن وفي كثير من الأحيان لا تزال مبعدة عن ممارسة دورها كإنسان له واجبات وحقوق في ما يتعلق بالممارسات السياسية والاقتصادية. يجب أن تعي وتعرف المرأة حقوقها وتطالب بها وأؤيد الدكتورة سلوى هزاع فيما قالته "لا ألوم الرجل ولا الدولة بل المرأة إذا لم تطالب بحقوقها"، فوعي المرأة بحقوقها يبعدها عن خوفها ويعزز ثقتها بنفسها وبمقدرتها على تحدي الصعوبات اليومية التي تواجهها، إلا أنه وللأسف لا تعي معظم النساء في مجتمعنا بحقوقها بسبب التربية التي تركز في واجباتها أكثر من تركيزها على حقوقها، وفي كثير من الأحيان يؤدي مطالبة امرأة بحقوقها إلى القمع، والأدهى عندما يأتي ذلك القمع من قبل نساء مجتمعها. فتستنكر عليها حقوقها بحرية التفكير والعمل، بل عليها العمل بحسب ما توارثته نساء المجتمع أو ما تورثه لها من عادات وتقاليد بحسب طريقة التربية أو حدود النظرة التي تُزرع لها والتي تعيق مشاركتها في تنمية مهارتها وقدراتها التي تبدأ بالتعليم ومن ثم التدريب وصولاً إلى العمل لمواكبة مستجدات العصر والمجتمع، فعملها بالليل مرفوض، سفرها لوحدها ممنوع "سواء من أجل التعلم أو العمل أو كرحلة للراحة"، وغالبا ما تنعت تلك المرأة المطالبة بحقوقها بـأبشع الأوصاف وغيرها من مصطلحات تدل على عدم أحقيتها بحقوقها وعدم أهليتها لأن تكون مسئولة عن نفسها وتصرفاتها بل دائما تكون متابعة من قبل الأخوة أو الزوج والمجتمع لجميع أفعالها وأفكارها، حتى مشاركتها أو حضورها الأمسيات ممنوع وغير مقبول في كثير من الأحيان. اختيار الأهل للمناهج الجامعية والتخصصات بما يتلاءم مع تلك الأفكار المنتقصة لحريتها بالاختيار واثبات نفسها، وكذلك هناك الكثير من الأسر حتى الآن تمنع وترفض أن تعمل بناتها في المؤسسات بحجة الاختلاط، وغالبا ما يرسم طريق المرأة الذي توفى زوجها من قبل المجتمع والأسرة بضرورة أن ترعى أولادها فقط لا غير وتمنع وتحرم حقوقها باستكمال الحياة مع شريك آخر، بعكس الرجل الذي يؤيده الجميع بحقه بالزواج بعد وفاة زوجته. تُهضم حقوق المرأة حتى عندما يقوم زوجها بضربها ولا تشتكي والسبب التربية وتتابع التاريخ الذي علمها أن الخطأ دائما يصدر منها ويجب أن تصمت. ونظرة المجتمع المزري للمطلقة فتنهضم وتنتقص حقوقها وحرياتها ومكانتها، والمؤسف والغير منصف عند زواج المرأة العمانية من أجنبي عدم أحقية أبنائها بالجنسية العمانية ويحرمون بالتالي من حقوقهم.
انعدام الوعي الثقافي يؤدي في كثير من الأحيان إلى مشاكل خطيرة قد تقف عائقا في مقدرة المرأة (ربة المنزل خاصة) في إثبات وجودها وحرياتها وتعاملها مع المشاكل التي تتعرض لها، فإهمال الزوجة للسنوات الدراسية التي قضتها في الدراسة قبل الزواج وتوقفها عن ذلك بعده بإهمال الجانب الذاتي في التثقيف والتعلم أو الأمية وعدم متابعة مجريات الأحداث والعلوم يؤثر كثيرا في مقدرتها على الاندماج مع المحيط حولها وحرمانها من دورها في التنمية الفعلية بالمجتمع. وعدم مقدرتها على دفع أولادها بكفاءة في ميادين العلم والعمل. وخاصة البنت التي تتأثر بالقيود التي تفرضها عليها أمها من توريثها قيود الموروثات الشعبية من عادات وتقاليد.
للمرأة حق إنساني مساوٍ للرجل في الحقوق والواجبات، وهذا يعني أنها نصف المجتمع وعليها أن تثبت جدارتها وتميزها جنباً إلى جنب مع الرجل وعدم انتقاص حقوقها كمواطنة فعالة وفاعلة في هذا المجتمع. وللرجل دور في تعزيز مقدرة المرأة ودورها بداخل الأسرة أو الجانب الوظيفي بالمساعدة والمساهمة في خلق جو من الاحترام والمودة والثقة والتفاهم فيما بينهم.
الأمان هو المفتاح الذي يجعل المرأة تبدع وتتقن في العمل، بعكس إحساسها بعدم الأمان الذي يؤدي إلى زعزعة ثقتها في ذاتها وعدم مقدرتها على مواصلة العمل. الأمان يُزرع في نفس الفرد من قبل الأسرة أولاً وفقده يعني فقد الإحساس بالحياة والإبداع فيها. لذلك فلنزرع ولنعزز الثقة ونصون حياة المرأة، فازدهار ونمو أي مجتمع مرتبط بإعطاء المرأة حقوقها والثقة في مقدرتها بالمشاركة الفعلية في كل المجالات. وليكن طريقها نحو الحرية بالإبداع والثقافة وقوة الإرادة. ولتكن صانعة قرار في حياتها الشخصية والعامة في ظل التكفل بصيانة حقوقها ودعمها، ولنبعد فكرة رواسب العادات والتقاليد الجامدة التي تؤثر وتفرض القيود على المرأة لاسيما وأن بعض مؤسسات مجتمعنا تسعى حاليا إلى النهوض بمكانة المرأة العمانية وهو ما يتطلب تهيئة الأجواء المناسبة للانطلاق في مواقع القدرة وإبداء الرأي والإسهام في نهضة وبناء المجتمع، وعدم إغفال دور المرأة الأساسي كقوة فعالة وطاقة وطنية يحتاج إليها أي مجتمع يسعى إلى التطور والتقدم.


ليست هناك تعليقات: