أقوال

إن الأمة المستعبدة بروحها وعقليتها لا تستطيع أن تكون حرة بملابسها وعاداتها .(جبران خليل جبران) _______ الصمت ينطق، والخوف ينتصر على نفسه، والجدار السميك يصبح أشلاء متهاوية على الأرض. (عقل العويط)

السبت، 26 فبراير 2011

ممارسة سيئة تتم في الخفاء





يعتبر ختان البنات من الممارسات والعادات السيئة التي تمارس ضد الفتاة، وبالرغم من إن المجتمع قد وعى خطورة هذه الممارسة وأضرارها، ولكن لا تزال هناك فئات كثيرة تمارسها بتستر وبجهل لنتائجها وخطورتها على الطفلة والمرأة مستقبلاً، حتى الفئات المثقفة بالمجتمع ليست على علم ودراية كافية بخطورة الختان من قطع أو بتر جزء من العضو التناسلي لدى المرأة، ويتم الأمر دائما بعيدا عن الأعين، مخلفا وراءه خطورة طبية ونفسية واجتماعية يسعى هذا المقال إلى إيضاحها.
يوجد نوعان للختان: ختان الجزء القريب من البظر، وختان كامل البظر. والبظر هو ذلك العضو الضامر والمماثل تماما من حيث التكوين والنشأة للقضيب عند الذكر، يتكون من أوعية دموية وأعصاب شديدة الحساسية تنقل الرغبة والإحساس إلى الدماغ، وهكذا فإن هذا الجزء الصغير من الجسد هو الذي يستشعر اللذة والرغبة عند الممارسة بين الزوج وزوجته للوصول للحظات من الحميمية للإثنين معا وليس لطرف واحد فقط.
وبالرجوع إلى تاريخ الختان، نجد أنه ذو أصول فرعونية وليست دينية، وقد انبثق من طقوس وخرافات كان يمارسها شعوب تلك المنطقة، فقد كان من عادة المصريين القدماء ختان الفتيات تقرباً من آلهتهم من أجل الزواج والنسل، ويرمون تلك القطعة في النهر حتى تحقق لهم آلهتهم تلك الأمنيات، ومن غير المعقول أن يمارس الأهل تلك العادة حتى الآن تقرباً من آلهة لم تعد موجودة!
كما مارست القبائل الإفريقية ختان كامل بظر المرأة بسبب خرافات التضحية واتقاءً لغضب آلهتهم. ﺗﻘﻮل أﺳﻄﻮرة أﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﻟﻘﺒﻴﻠﺔ "دوﺟﻮن" أن اﻹﻟﻪ "أﻣﺎ" قبض على ﻣﺼﺮان ﻣﻠﺊ ﺑﻄﻴﻦ فخاري ورﻣﺎﻩ ﻓﺘﻜﻮﻧﺖ اﻷرض على ﺷﻜﻞ امرأة ﻣﻀﻄﺠﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮها، وﻋﻨﺪﻣﺎ أراد "أﻣﺎ" ﻟﻘﺎء هذه اﻟﻤﺮأة ﻣﻨﻌﻪ هذا اﻟﻌﻀﻮ اﻟﻤﻠﻌﻮن ﻓﻘﺎم اﻹﻟﻪ ﺑﻘﻄﻌﻪ ﻟﻴﺘﻢ اﻟﻠﻘﺎء، وﻣﺎزال هذا الاعتقاد هو أﺳﺎس ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺨﺘﺎن ﺣﺘﻰ اﻵن في ﺗﻠﻚ اﻟﻘﺒﻴﻠﺔ.

إذن مبرر وجود الختان أساسا هو تطهير المرأة وتثبيط رغباتها، وكما يُقبل الرجل على المقويات الجنسية من طبيعية أو كيميائية تقبل العائلة على قطع أو بتر جزء من عضو الفتاة لجعلها باردة جنسيا لا تتفاعل مع رغباتها الجنسية السليمة مع زوجها، وفي ذلك ممارسة اجتماعية متناقضة. ولكن للمعلوم فإن الرغبات دائما تنبع من الدماغ، وتقوم أجزاء الجسد بالإيذان للدماغ للإحساس بالإشباع. فالرغبة والدافع الجنسي ينشآن في المخ وتحركهما الغريزة الفطرية ولكنهما يخضعان دائما لسيطرة الفرد والهرمونات والتفاعلات الكيمائية والحالة الاجتماعية والصحية والنفسية، ولا دخل للبظر بالعفة ولا انبعاث الرغبات.
ومع مرور الوقت أصبح فعل الإخصاء يمارس ضد المرأة كعادة متوارثة انتقاصا من حقوقها ورغباتها. وتقوم بها فئات من نساء مجتمعنا بدون دراية عن الأسباب، ولو علمنا الأسباب لانتهت واندثرت هذه العادة. 
إن للمرأة دورا فعالا في مجتمعها ومن غير المعقول أن تمارس عادة كهذه حتى الآن لنظرة دونية تنظر لجسد المرأة كما لو أنه وعاء للجنس فقط، فهي كائن أنثوي خلقت هكذا، فكيف تجرم ويبتر عضوها؟!
فبالتربية الحسنة والثقة بأحقية الفتاة وإنسانيتها وليس بيد تقطع وتجزئ جسدها تصل المجتمعات إلى الأخلاق السامية.
مساوئ الختان طبيا ونفسياً كثيرة وتبدأ من الطفولة حتى الكبر، ومن أهمها: الصدمة التي تتلقاها الطفلة وهي صغيرة من الألم لأسباب تجهلها. فهذه التجربة الأليمة تُنشئ في العقل الباطن بابا للكبت يهيمن على نظرتها للحياة بعد ذلك.
كذلك الجرح الذي يسببه الختان، خاصة وأن عملية الختان تجرى بأيدٍ غير خبيرة بالطب وأصوله بسبب تجريم عملية الختان طبياً، وهذا ما يؤدي كثيرا إلى نزيف شديد للفتاة وفي الكثير من الحالات قد يؤدي إلى التهابات مزمنة وتراكم الميكروبات والتكيسات التي قد يؤثر على الإنجاب وعقم لديها في المستقبل. وهناك الكثير من الحالات التي تؤدي إلى وفاة الطفلة بسبب النزيف، واضطراب المجرى البولي مما يؤدي إلى مرض مزمن.
ويقود ختان البنات أيضا إلى ضعف في العلاقة الزوجية أسبابها البرود الجنسي وعدم التفاعل في العلاقة. كذلك يُحدِث ألما عند الجماع بسبب تلك الالتهابات والأمراض المزمنة، مما يولد رفضا في اللا شعور لأي تقارب بينها وبين شريك حياتها، وهو ما يولّد مشاكل أخرى عميقة في الأسرة، من طلاق أو خيانة وغيرها.
ويمتد تأثير هذه الممارسة على المرأة من الناحية النفسية في سن البلوغ مما يجعلها في حالة من الكآبة الدائمة والعصبية وخلق المشكلات، لعدم الوصول إلى الإشباع الجنسي. ليؤدي إلى فقدانها الرغبة بممارسة واجباتها ورغباتها لتصبح كائنا غير مبالٍ بحياته، أو تبحث عن أكثر من علاقة لإشباع رغباتها المفقودة. 
فأي عنف يمارسه الأهل على الفتاة لأنها أنثى؟ وأي عنف يتغاضى عنه المجتمع رغم أنه عادة وحشية تمارس ضد نصف المجتمع؟
كل عضو في جسد الإنسان له وظيفته الخاصة، فلماذا بتر وتشويه قطعة خلقت في جسد الأنثى ولم توجد عبثاً؟
ولأننا ندرك اليوم ما تحمله هذه الممارسة التقليدية –التي مازلت مستمرة في السر- من  أضرار وأمراض فإنه يجب أن يسن قانون تشريعي يمنع ممارسة هذه العادة لما لها من مساوئ كثيرة وكبيرة، وليتم سد الباب على من يمارسونها في الخفاء.

ليست هناك تعليقات: