أقوال

إن الأمة المستعبدة بروحها وعقليتها لا تستطيع أن تكون حرة بملابسها وعاداتها .(جبران خليل جبران) _______ الصمت ينطق، والخوف ينتصر على نفسه، والجدار السميك يصبح أشلاء متهاوية على الأرض. (عقل العويط)

السبت، 26 فبراير 2011

الموسيقى جزء منا (2-2)




هل تأخذ الموسيقي أهميتها ومكانتها في مجتمعنا كواجهة حضارية تعنى بنشر الثقافة الموسيقية الجادة؟ وكيف يدرك المجتمع أهمية الثقافة الموسيقية والأساس مفقود و غير مدرك؟ لأننا نعلم أنه لا بناء من غير أساس قوي.
من المعروف لدينا أن هناك اهتماما كبيرا من قبل حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم –حفظه الله ورعاه- بالفن عموما والموسيقى خصوصا، من خلال رعايته لها، وهو ما أسفر عن نتاجات مهمة في رعاية الموسيقى منها إنشاء فرقة الاوركسترا السيمفونية السلطانية التي تأسست سنة 1985 ذات النشاطات المميزة، والتي تقدم أجمل المعزوفات العالمية للمتذوقين للموسيقى الكلاسيكية، إنشاء جمعية هواة العود وتنفيذ مهرجان العود، البث الإذاعي لبرنامج الموسيقى الكلاسيكية التي تذيع أجمل وأشهر المعزوفات الكلاسيكية مع تعريف بالفرق التي تعزفها، وإنشاء دار الأوبرا السلطانية المقرر افتتاحها بشهر أكتوبر 2011م، وهذا الحدث سيعتبر من أهم النقلات الموسيقية في السلطنة والتي بدأ الاهتمام الجلي بها بموسم ما قبل الافتتاح من عروض مميزة أذهلت متذوقي الموسيقى بجميع أشكالها الراقية.
بالرغم من وجود تلك النماذج نتفاجأ بالأسلوب الذي تتعامل معه بعض المؤسسات مع الموسيقى، وكيفية إغفالها لدورها في تطوير ورقي الفن الموسيقي لدى الأفراد. وتتجاهل الدور المنوط بها في أهمية نشر الوعي لدى أبناء البلاد، فإبراز الفن وتنمية المواهب الموسيقية أحد أهم المجالات التي يجب أن تعنى وتعمل بها التربية والتعليم في أي مجتمع، بتخصيصها برامج تسهل و تدعم تلك المواهب لمواصلة دراساتها الأكاديمية الموسيقية، ومع هذا نلاحظ غالباً أن حصة الموسيقى من الحصص المهملة من قبل بعض المدارس وفي تراجع مستمر، حتى تكاد أن تكون غير موجودة في الجدول الدراسي لدى الطالب بسبب إهمال الإدارة المدرسية التي قد لا تدرك أن حصة الموسيقى ليست حصة فراغ وتكاسل للطالب أو غير مهمة، بل تبرز أهميتها في تحسين سلوك الطلاب وتحسن ذاكرتهم، فقد أشارت دراسة كندية أن الأطفال الذين تلقوا دروساً موسيقية على مدار عام تحسنت لديهم مهارات الذاكرة العامة والتي ترتبط بقدرات عقلية لا علاقة لها بالموسيقى مثل القراءة والذاكرة اللغوية والإدراك البصري والمكاني والمهارات الرياضية ومعدل الذكاء. لابد أن تعمل وزارة التربية والتعليم على تحسين هذه المادة ووضع خطط وبرامج لإيصالها للطالب بطريقة علمية جميلة وسهلة في كل مرحلة دراسية، بالتعرف على الألحان والإيقاع والسلم الموسيقي وغيرها من علوم مختصة بالفن الموسيقي. فهي سبيل مهم في نضج الشخصية والحس التذوقي بمجمل الفنون. وتربي الطالب على التوازن وحسن التفكير. كما يجب توفير الآلات الموسيقية التي يحتاج إليها المنهج الدراسي، ففي الغالب لا تتوفر بصورة جيدة وبحالة ممتازة للاستخدام التعليمي، وبالتالي فإن الطالب غالباً ما تنعدم لديه المعرفة بالفنون والآلات الشعبية والتطور الذي حدث لها. 
نأتي إلى الدور الإعلامي بواجبه وأهميته في التواصل مع وزارة التربية والتعليم لإظهار تلك المواهب وتشجيعها لدى الشباب ودعم وتطوير الموسيقى بجميع ومختلف أشكالها ومحاولة كسر الجمود وعدم الاعتماد فقط على التقليدي، فالتنوع والتواصل أساس الإبداع، ومن المهم توفير أحدث ما توصل إليه العلم الموسيقي مع التكنولوجيا في إنتاج أعمال مميزة تدعم موهبة التلحين والفن الموسيقي. كما يهمني أن أشير بضرورة تواجد نقابة تهتم بدعم تلك المواهب مادياً ومتابعتهم والاهتمام بالمشكلات التي قد تؤثر على أعمالهم.

ولا يجب أن يغيب عن البال الدور الأساسي الأول والمهم وهو دور الأسرة الذي يساعد في تنمية المواهب واكتشافها ومن ثم رعايتها والتي تساعد على صقلها لدى الطفل ونقل التراث الثقافي والفن الموسيقي بين الأجيال، ومساعدته في العناية والاهتمام بها والتي تؤدي إلى تشكيل شخصيته والثقة بذاته والإسهام في تنمية الذائقة الفنية لديه، كما أنها تعزز مقدرته المعرفية في بحث واكتشاف أعذب الألحان والفنون. 

الجمود في التفكير وعدم مواكبة التطورات أو ممانعة حريات الآخرين في إبراز مواهبهم وإبداعهم تلك هي صفات وأفكار هادمة للحضارات ومن المهم للفرد والمجتمع التخلص من هكذا بذور قد تؤثر على مسيرة الحرية الإنسانية. تغذية الفرد والمجتمعات بأحدث الثورات الإنسانية والتسامح التي تساهم كثيراً في دفع عجلة التقدم والتطور إلى الأمام، وإلى الإنتاج وتحسين طاقاتهم الإبداعية، لتوظيفها لصالح التنمية كأفضل استثمار معرفي وإنجاز مكتسب فعال. واحتواء وتقبل الآخر بمختلف التحولات والاختلافات كأساس في إثراء وبناء الحضارات. فالموسيقى احد المكونات الطبيعية والتي هي جزء منا وفي التكوين الإنساني. فالإنسان مشاعر والموسيقى مشاعر وكلاهما مرتبطان بالآخر، وحتى لكنتنا اللغوية نوع موسيقي للحن تتميز به كل منطقة من مناطقنا بأسلوب مميز في النطق أو التحدث، والتاريخ الموسيقي لدى الحضارات له دور فعال عند مختلف الشعوب، فالأفراح والحروب والمآسي وغيرها استحدثت له أساليب موسيقية تُعبر عنها بأنماط مختلفة، وأبرزها الفلامنكو التي تعبر موسيقاه وأغانيه عن الحزن والكآبة بسبب الاضطهاد والظلم الذي كان يتعرض له الغجر الأسباني.   
 
أصبحت الكثير من الشركات العالمية تعتمد على وضع الموسيقى في مكاتبها ومصانعها لتنشيط من قوة العمال والموظفين لزيادة الإنتاج والخبرة كما تساعد الموظف على الثقة بقدراته وتهدئة الأعصاب. وبما أن التربية الموسيقية تؤدي إلى التفكير العميق لإنتاج أروع الألحان إذن هي مساهمة كبيرة في إثراء الإنتاج البشري بالتنوع والإبداع اللذين يؤثران تباعاً في المنظومة الحضارية للمجتمعات. 

نشرت في جريدة الرؤية/ ملحق رؤى

الموسيقى جزء منا (1-2)




"بدون الموسيقى، الحياة ستكون محض غلطة".
فريدريك نيتشه

الموسيقى لغة لا تحتاج إلى ترجمة، وعلم ووسيلة من الوسائل المهمة والضرورية في حياة الإنسان التي تجمع حولها الجميع بمختلف ثقافاتهم كحوار مفعم بالأنغام المختلفة والمبهجة، وهي من الفنون الراقية التي تتباهى بها الأمم والشعوب، وهي منشط له تأثير قوي على مقدرة الفرد على التعامل مع مختلف الأمور من حوله، كما لها أثر إنساني بالغ في الصحة وفي التقارب بين جميع الفئات الإنسانية ذات التوجهات والثقافات المختلفة، حتى باتت الآن من أفضل وسائل علاج الأمراض النفسية والجسدية وعلم يدرس في معاهد متخصصة مما أدى إلى فتح مراكز متخصصة في العلاج بالموسيقى لما له من أثر عميق ونتائج مذهلة على المرضى.
تترك الموسيقى أثرها على الدماغ وتخلق توازنا بين التفكير الباطني والتركيز عليها بما تحمله من أفكار تحث خلايا الدماغ للعمل على نحو أفضل ومميز، وتزيد الموسيقى من سعادة الإنسان، وقد اكتشف العلماء أن الموسيقى الهادئة تريح وتساعد على زيادة قدرات الطفل الإبداعية عند استماعه لها وهو جنين في رحم أمه.
ابتدأت الموسيقى من أصوات الطبيعة في زقزقة العصافير وخرير الماء، وهبوب الرياح وغيرها من أصوات جعلت الإنسان يطور و يبدع في ابتكار المزيد من الألحان التي تحاكي تلك النغمات، فصنع الآلات الموسيقية التي تطلق الألحان ومن ثم نظّم الأنغام مع إيقاعاتها وأوزانها.
تمتد جذور الموسيقى العربية بحسب موقع ويكيبيديا العربي "فيما يزيد عن ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد، فنجد على ضفاف النيل شعبا يتمتع بمدينة موسيقية ناضجة وآلاتها التي جاوزت دور النشوء وبدت تامة كاملة سواء في ذلك الآلات الإيقاعية أم آلات النفخ أم الآلات الوترية"، وقد أوجد لنا التاريخ العربي الموسيقى في أجمل حلتها مع الآلات الموسيقية مثل العود أهم آلة وترية في التخت الشرقي والمفضلة لدى الملحنين والعازفين العرب، كذلك الموشحات أحد الفنون المرتبطة بالتوزيع الموسيقي كقطعة مع وزن وقافية الذي وضعها "زرياب" الذي كانت له إسهامات تاريخية مميزة في عالم الموسيقى العربية. كما يتميز كل الوطن العربي بموسيقى شعبية خاصة ينفرد بها تراثه وحضارته كفن وفلكلور تقليدي يعبر عن الموروث الشعبي لكل دولة. لذلك تعد الموسيقى شيئاً جذريا وأساسيا في أية ثقافة.
من أشهر المؤلفين الموسيقيين: باخ وأجمل معزوفاته Toccata and Fugue in D minor، بيتهوفن ورائعته "السيمفونية الخامسة"، تشايكوفيسكي و "بحيرة البجع" التي تركت أثرها على مسارح فن البالية، وموزارت وشوبان وغيرهم، من أروع ما تركته لنا الثروة الموسيقية الكلاسيكية المميزة.
كل لحن ونغمة تمر علينا لها تأثير على صياغة وتخزين الذكريات في دماغنا، حيث ترسخ الموسيقى في النفوس روح التواصل والتسامح الإنساني المناهضة لكل أشكال التعصب، كما تقودنا الموسيقى لاستقبال أجمل قيم ومعاني التقدير للأحاسيس التي ترتاح إليها النفس لما تتركه من أثر بعد ذلك.
يعتبر التأليف الموسيقى أهم مراحل تطور الفن الموسيقي الذي يرتبط ارتباطا وثيقا بمدى تطور الحركة الثقافية الموسيقية في كل مجتمع والوعي بأهمية دراسة الموسيقى وتأليفها على مستوى عالي والمساعدة على تمويلها، وهنا يأتي دور الأعلام الذي يجب أن يضع في أولويته البحث عن المواهب المميزة في التأليف الموسيقي التي تعتبر من أعقد العلوم الموسيقية وإلى ضرورة تأسيس رابطة للمؤلفين ودعمهم.
وقد ذكر الكاتب والفنان الموسيقي فلاح صبار في موضوعه حول تاريخ الموسيقى دور التاريخ العربي وأثره في الموسيقى العربية حيث قال: إن  للعلماء العظام في التاريخ العربي والإسلامي القديم, الفارابي والكندي وإخوان الصفا والأرموي صفي الدين وغيرهم, دورا لامعا في إغناء الثقافة الإسلامية والعربية. وكان نتاجهم المعرفي معينا لا ينضب لمبدعي الأمم الأخرى للتزود منه ثم إغنائه. وعلينا أن لا ننسى, بأن هذه النخبة من العلماء والفلاسفة العرب قد وضعت السلم الموسيقي و دراسته وتحليله, وعبرت آراؤهم ودراستهم وتحليلهم العالي عن جوهر علم الصوت وأبعاده.. أي المسافات بين درجة وأخرى والتي اتفقت مع علم الفيزياء والرياضيات.
ولكننا إن تتبعنا المسيرة الموسيقية العربية فيما بعد, لرأينا إن الكم الكبير الذي وقع بين أيادينا من الأعمال الغنائية, لا يستند بكثير إلى النظرية الموسيقية بتفاصيلها, بل اعتمد القائمون على شؤون الغناء على الموهبة و التذوق والإحساس, وتجاهلوا ما للموسيقى من رفعة شأن وتهذيب وسمو لروح الإنسان, وتجاهلوا ما يكون للآلة الموسيقية من دور فاعل مهم في إغناء العمل الموسيقي وليس هذا الدور التابع, آلا وهو مرافقة الصوت الغنائي الآدمي فقط. وعليه يمكننا القول بأن الموسيقى عند العرب عرفت بـ "فن الأسماع". 
إن من أهم طرق التطور والتقدم في مجال الموسيقى مواكبتها لكل جديد والاستفادة من تجارب الآخرين في المجال الموسيقي لإبداع وسائل جديدة تخدم العمل وإيصال الفن الموسيقي لمستوى رفيع وراقٍ مميز، وقد تطورت صناعة الموسيقى حتى وصلت إلينا الآن بمختلف  آلاتها الوترية والإيقاعية والالكترونية وآلات النفخ أو الهوائية، ويجب علينا أن نولي المجال الموسيقي بالرعاية الثقافية والفنية وأهمها المجال العلمي، وامتلاك رؤية واعية لأهمية هذا الفن في التربية والتعليم لإيصال المواهب إلى مستوى من النضج كسياسة للتطور والتميز بين المجتمعات، وهذا هو ما سأحاول توضيحه في مقالي القادم حول أهمية دراسة علم الموسيقى في تطور مجتمعنا.


مكانة المرأة مقياس لتطور المجتمع





'
إن التجارب المؤسسة على المشاهدات الصحيحة، تدل على أن حرية النساء تزيد في ملكاتهن الأدبية وتبعث فيهن إحساس الاحترام لأنفسهن وتحمل الرجال على احترامهن'.
قاسم أمين

لكل فرد دور في خدمة وتنمية المجتمع ومواجهة التحديات والتغييرات التي تحدث، والمشاركة بمجريات الحياة اليومية، وتعتبر الثقافة المدنية أسلوب المجتمع إلى التقدم والتميز بين مختلف المجتمعات، وبما أن الفرد يكتسب ثقافته من أسلوب وسلوك وقيم المجتمع الذي يعيش فيه فالمرأة لها دور فعال ومميز في المساهمة بحركة التنمية وخدمة مجتمعها لذلك لا ينبغي تجاهل دورها أو إقصائه واقتصاره بالخدمة الاجتماعية.
إن وجود ثقافة ناضجة بالمجتمع تساعد على بناء الثقة بمشاركة المرأة في صنع القرار وشعورها بالانتماء. وحتى الآن وفي كثير من الأحيان لا تزال مبعدة عن ممارسة دورها كإنسان له واجبات وحقوق في ما يتعلق بالممارسات السياسية والاقتصادية. يجب أن تعي وتعرف المرأة حقوقها وتطالب بها وأؤيد الدكتورة سلوى هزاع فيما قالته "لا ألوم الرجل ولا الدولة بل المرأة إذا لم تطالب بحقوقها"، فوعي المرأة بحقوقها يبعدها عن خوفها ويعزز ثقتها بنفسها وبمقدرتها على تحدي الصعوبات اليومية التي تواجهها، إلا أنه وللأسف لا تعي معظم النساء في مجتمعنا بحقوقها بسبب التربية التي تركز في واجباتها أكثر من تركيزها على حقوقها، وفي كثير من الأحيان يؤدي مطالبة امرأة بحقوقها إلى القمع، والأدهى عندما يأتي ذلك القمع من قبل نساء مجتمعها. فتستنكر عليها حقوقها بحرية التفكير والعمل، بل عليها العمل بحسب ما توارثته نساء المجتمع أو ما تورثه لها من عادات وتقاليد بحسب طريقة التربية أو حدود النظرة التي تُزرع لها والتي تعيق مشاركتها في تنمية مهارتها وقدراتها التي تبدأ بالتعليم ومن ثم التدريب وصولاً إلى العمل لمواكبة مستجدات العصر والمجتمع، فعملها بالليل مرفوض، سفرها لوحدها ممنوع "سواء من أجل التعلم أو العمل أو كرحلة للراحة"، وغالبا ما تنعت تلك المرأة المطالبة بحقوقها بـأبشع الأوصاف وغيرها من مصطلحات تدل على عدم أحقيتها بحقوقها وعدم أهليتها لأن تكون مسئولة عن نفسها وتصرفاتها بل دائما تكون متابعة من قبل الأخوة أو الزوج والمجتمع لجميع أفعالها وأفكارها، حتى مشاركتها أو حضورها الأمسيات ممنوع وغير مقبول في كثير من الأحيان. اختيار الأهل للمناهج الجامعية والتخصصات بما يتلاءم مع تلك الأفكار المنتقصة لحريتها بالاختيار واثبات نفسها، وكذلك هناك الكثير من الأسر حتى الآن تمنع وترفض أن تعمل بناتها في المؤسسات بحجة الاختلاط، وغالبا ما يرسم طريق المرأة الذي توفى زوجها من قبل المجتمع والأسرة بضرورة أن ترعى أولادها فقط لا غير وتمنع وتحرم حقوقها باستكمال الحياة مع شريك آخر، بعكس الرجل الذي يؤيده الجميع بحقه بالزواج بعد وفاة زوجته. تُهضم حقوق المرأة حتى عندما يقوم زوجها بضربها ولا تشتكي والسبب التربية وتتابع التاريخ الذي علمها أن الخطأ دائما يصدر منها ويجب أن تصمت. ونظرة المجتمع المزري للمطلقة فتنهضم وتنتقص حقوقها وحرياتها ومكانتها، والمؤسف والغير منصف عند زواج المرأة العمانية من أجنبي عدم أحقية أبنائها بالجنسية العمانية ويحرمون بالتالي من حقوقهم.
انعدام الوعي الثقافي يؤدي في كثير من الأحيان إلى مشاكل خطيرة قد تقف عائقا في مقدرة المرأة (ربة المنزل خاصة) في إثبات وجودها وحرياتها وتعاملها مع المشاكل التي تتعرض لها، فإهمال الزوجة للسنوات الدراسية التي قضتها في الدراسة قبل الزواج وتوقفها عن ذلك بعده بإهمال الجانب الذاتي في التثقيف والتعلم أو الأمية وعدم متابعة مجريات الأحداث والعلوم يؤثر كثيرا في مقدرتها على الاندماج مع المحيط حولها وحرمانها من دورها في التنمية الفعلية بالمجتمع. وعدم مقدرتها على دفع أولادها بكفاءة في ميادين العلم والعمل. وخاصة البنت التي تتأثر بالقيود التي تفرضها عليها أمها من توريثها قيود الموروثات الشعبية من عادات وتقاليد.
للمرأة حق إنساني مساوٍ للرجل في الحقوق والواجبات، وهذا يعني أنها نصف المجتمع وعليها أن تثبت جدارتها وتميزها جنباً إلى جنب مع الرجل وعدم انتقاص حقوقها كمواطنة فعالة وفاعلة في هذا المجتمع. وللرجل دور في تعزيز مقدرة المرأة ودورها بداخل الأسرة أو الجانب الوظيفي بالمساعدة والمساهمة في خلق جو من الاحترام والمودة والثقة والتفاهم فيما بينهم.
الأمان هو المفتاح الذي يجعل المرأة تبدع وتتقن في العمل، بعكس إحساسها بعدم الأمان الذي يؤدي إلى زعزعة ثقتها في ذاتها وعدم مقدرتها على مواصلة العمل. الأمان يُزرع في نفس الفرد من قبل الأسرة أولاً وفقده يعني فقد الإحساس بالحياة والإبداع فيها. لذلك فلنزرع ولنعزز الثقة ونصون حياة المرأة، فازدهار ونمو أي مجتمع مرتبط بإعطاء المرأة حقوقها والثقة في مقدرتها بالمشاركة الفعلية في كل المجالات. وليكن طريقها نحو الحرية بالإبداع والثقافة وقوة الإرادة. ولتكن صانعة قرار في حياتها الشخصية والعامة في ظل التكفل بصيانة حقوقها ودعمها، ولنبعد فكرة رواسب العادات والتقاليد الجامدة التي تؤثر وتفرض القيود على المرأة لاسيما وأن بعض مؤسسات مجتمعنا تسعى حاليا إلى النهوض بمكانة المرأة العمانية وهو ما يتطلب تهيئة الأجواء المناسبة للانطلاق في مواقع القدرة وإبداء الرأي والإسهام في نهضة وبناء المجتمع، وعدم إغفال دور المرأة الأساسي كقوة فعالة وطاقة وطنية يحتاج إليها أي مجتمع يسعى إلى التطور والتقدم.


وجهة نظر حول الصحافة العمانية






لا تزال الصحافة العمانية تخطو خطوات التكوين الجنيني في رحم حرية الكتابة، فهي لا تزال تكابد الكثير من الحذر والخجل، وبالرغم من وجود كتابات وبحوث مميزة في التاريخ العماني، ولكن تفتقر كتاباتنا وبحوثنا حاليا للنظرة إلى مشكلات الحاضر وتغيراته وأثره على مجمل الفرد العادي، ولذلك نحن بحاجة ماسة إلى الكتابات التي تعنى بكل مظاهر الحياة سواء كانت ثائرة أو مؤيدة لجوانب الحياة اجتماعية أو سياسية أو دينية وغيرها.
على الرغم من وجود جميع الأدوات التي تجعل  القارئ العماني مؤهلا ليحاور أو ينتقد أو يؤيد، إلا أنه في الغالب لا يزال غير قادر على استيعاب الكثير من الأطروحات وتقبّل الاختلافات، وغالباً ما يصب كل اهتمامه على العادات والبؤرة الأخلاقية في المفردات والتعريفات، وكثيرا ما يرفض الانفتاح الشامل على الثقافات المغايرة والواسعة لجميع القضايا الكبرى "علمية أو أدبية"، ويبحث عن أقلام الفضائح أو الفضح، فتصبح مهمة الكاتب البحث عن التشويق مهما كانت بعيدة عن الحقيقة أو الأساسيات المعرفية للنشر. 
هناك الكثير من الهموم والمشاغل الحياتية التي تجعل القارئ العماني ينصرف عن الارتواء بالقراءة، وهذا قد يشكل تحديا أمام الكاتب بسبب أن ما يمكن أن يغري القارئ المحلي هو أن يرى قضاياه الساخنة مطروحة أمامه، وأن تسعى الصحافة لطرح وعلاج المشكلات التي تواجه الناس في إطار من الشفافية والبحث عن الحقيقة. يقول الروائي والناقد الفرنسي  موريس بلانشو: "يعبّر المؤلف عن نفسه ضدّ كلام وبفضل كلام لا ينقطع، كلام لا بداية له ولا نهاية، متوجّها نحو كلام لن يكون كلام أحد، مخاطبا دوما أحدا آخر مذكّرا من يستقبله بآخر جاعلا إياه في انتظار شيء آخر، إنما هي حركة كلام لا أصل له ولا مالك، كلام يفضل الامتناع عن القول بدل الزعم بالإحاطة بكلّ شيء". إذن هناك حاجة إلى إرواء عطش القراء بالبحث عن القضايا التي تعنيهم ومحاولة الإلمام بحاجاتهم.
الكاتب مُفترضٌ منه نشر الأفكار، و البحث الصادق وكسر جميع التابوهات التي تؤثر على المتلقي لإنتاج معرفة وثقافة إبداعية. ومع اتساع فرص النشر المتاحة حاليا فإن السؤال هو: هل هناك بئر جاف لا ينبض بالأفكار والكتابات في هذا المجتمع؟ لماذا الكثير من القضايا مغيبة عن الطرح؟
غالباً ما تكون الكتابات المنشورة في الصحافة الورقية عن المنجزات الحكومية، فهذا النوع من الكتابات هي المسيطرة على جميع ألوان الكتابة، وما يغيب عن النشر هو آمال وطموحات الفرد المستقل بُغية اقتحام عزلته الكسولة والكئيبة بهدف النهوض بالأفراد من أجل تغيير واقعهم إلى الأفضل.
المؤسسات الإعلامية لها دور كبير في صياغة الوعي الثقافي في المجتمعات. فهل هناك نوع من الاحتكار الصحفي من قبل سلطة معينة على كافة الأصعدة الإعلامية؟ ما مدى مساحة الحريات الكتابية في مجتمعاتنا؟ ولماذا تفتقر كتاباتنا للبعد الفكري والنظري والتحليلي في كثير من الأحيان؟!
ما المسكوت عنه في الكتابة بالمجتمع العماني؟ وما هي تلك السلطة التي تؤثر في مجمل الأحداث الكتابية في الشارع العماني؟ ولماذا أصبحت المواقع الإلكترونية ملاذا للكاتب العماني ومفتاحاً لحرية التعبير عن رأيه؟ هل لسرعة إيصالها لما يريد من مقالات وأفكار؟ أم لأن بحثه عن مؤسسات الكترونية ديمقراطية تنشر مقالاته أمر يتسم بالسهولة؟ لماذا لا تكون العلاقة بين الكتابة الالكترونية والصحف الورقية علاقة تواصل بين المحلي والعالمي؟ يجب أن نعي أن الصحافة والكتابة الورقية لا تزال القوت الذي يغذي المواطن بالمعرفة بما يحدث في مجتمعه والعالم، فللصحافة دور حيوي في توفير وتزويد القراء بمعلومات وأحداث محلية مهمة تحدث بمجتمعهم وتتبع التغييرات التي تحدث في العالم. فالمراسل والصحفي يتقصى الأخبار اليومية التي تهم القارئ. و تعتبر الصحافة الورقية أسهل الطرق وأقلها تكلفه بالنسبة للمستهلك (القارئ) لمعرفة آخر المستجدات وللتعبير عن قضايا القارئ، فاقتناء صحيفة يومية غير مكلف، وذلك بعكس المواقع الالكترونية التي ترتفع فيها النفقات التي يدفعها المستهلك للوصول إلى العالم الإلكتروني في مجتمعنا حيث لا تزال الإنترنت غير متاحة للجميع وبالتالي تقل طرق وإمكانية متابعة مستجدات الأحداث والتطورات المحلية للأفراد والمؤسسات في المجتمع المحلي. لذلك فإن الصحافة الورقية تحتاج إلى مستوى مرتفع من حرية التعبير أسوة بتلك الكتابات التي تنشر في المواقع الالكترونية لمواكبة ومعرفة الآراء الأخرى المغايرة والمختلفة فهي تهم قارئ الصحيفة المطبوعة وتعزز ثقته بحرية الصحافة والرأي في المجتمع.
مثالا لا حصرا، صحافتنا تحتاج لكتابات تتحدث عن المرأة وقضاياها وهمومها والمشكلات التي تعانيها في مجتمعاتنا، وكذلك تشجيعها لنيل حريتها في الشؤون العامة وعدم تهميش دورها وأفكارها وعدم التشكيك في قدراتها، كما يجب التركيز على حقوقها المختلفة ومنها حقها في الدفاع عن حريتها، ولتضع بصمه لها في عالم الكتابة والصحافة.
ما يأمله المرء من الصحافة والصحفيين المحليين هو القدرة على تجاوز الرقابة الذاتية التي تجعل الكثير من كتاباتنا تحت وطأة أذرع إخطبوط الخوف والتردد، بل يجب أن تكون نتاج مجتمع يتماشى مع سنوات طويلة من التفاهم والمقدرة على خلق ثقافة تسمح بتقبل الرأي والرأي الآخر بما يخدم التطور الثقافي ويعزز وعي الفرد بذاته وحقوقه، وبما يجعل من الكتابة إحدى وسائل نيل الحريات العامة وتعزيز ثقافة المجتمع المدني الواعي والمتحضر.


بين شعوذة السحر وعلم النفس




تلجأ كثير من الأسر والأهل عندما لا يستطيعون استيعاب المشكلات التي يعاني منها الأبناء أو الأزواج إلى البحث عن حلول لها بين أيدي الشيوخ والدجالين الذين يفتحون صندوق الشعوذة من تمائم وحروز وخيزران، فيؤدي إلى تفاقم المشكلة بشكل أكبر وانعزال المريض عن المجتمع. وكل هذا سببه تأثير الخلفية الثقافية والاجتماعية في المجتمعات سابقا وما له من تأثير يفرض سيطرته على عدم مواكبة التطور والتقدم المطرد في الحياة والعالم.
فهم بالغالب لا يرغبون بالكشف عن الأسباب الخاصة التي تجعل أحدا منهم منعزلا ومصابا بانتكاسة و اكتأب وبالتالي يقال عنه أصابه سحر، وكأننا لم نستطع فهم المشكلة للذهاب لعالم الشعوذة لنقع في مشاكل أخرى بعيدة عن الواقع. ومن ثم تأخذ حياة ذلك المريض منحنىً محددا بما يتماشى مع وقع كلام من حوله، وبالطبع عدم استيعاب المشكلة تجعله أسير تلك الحالة النفسية والعصبية التي ألمت به، ومحاولة لإيجاد حلول سحرية لدى أولئك الدجالين، خاصة وأن المريض النفسي لا يعرف طبيعة ما يعانيه.
فإذا أصيب طالب متفوق سابقا بإحباط أو اكتأب أو قلق يُعتبر ذلك سببه مس من الجن أو سحر، وإذا أصيبت الزوجة بانتكاسة نفسية ووسوسة وشكوك، وإذا لم يوفق أحدهم بالتجارة أو فشلت صفقته وأصيب بمرض عضوي، وكذلك عندما ترفض إحداهن بصورة مفاجئة للأهل الارتباط بشخص تقدم للزواج بها أو رفض الزوجة القيام بواجباتها، أو إذا أصيب أحد الأبناء لمجرد إسهال "مرض عضوي" سيعتبر كل هذا من قبل السحر أو الجن وغيرها من الاتكال على المصائب لباب الشعوذة والجهل.
كل هذه الأمراض النفسية الموجودة بمجتمعاتنا وغيرها الكثير ومع هذا تُطرَق أبواب الدجالين والشيوخ الذين يبعدون المنطق والعلم في حلول تلك المشكلات. وتتفاقم المشكلة عندما لا يؤمِّن المجتمع علاجا وحلولا للمشكلة في الطب النفسي أو ربما في الطب عامة 
يجب محاربة تلك الأفكار ومواجهة تلك المشكلات النفسية التي تواجه الفرد باستيعاب المشكلة والمرض النفسي عن وعي وإداراك، لذلك فإن الطب النفسي يحلل المشكلة مع الفرد المعني لمعالجتها والرد عليها بطريقة صحيحة، بالتكيف مع المشكلة ومن ثم إيجاد حلول لها وبذل الجهد من اجل الاستقرار النفسي لعلاج مشاكل تكون أسبابها نفسية أو اجتماعية.
فمن الخطورة أن يتخلى الإنسان عن استخدام العقل وتحمل المسؤولية ويترك الموضوع إلى قوة مجهولة من شياطين وجن. وقد كانت المشكلة حكرا على البسطاء من الناس لمقدرة الدجالين والشيوخ على الضحك والسيطرة على عقولهم، ولكن بالوقت الحالي أصبحت جميع الفئات تبحث عن الحلول بين أيدي أولئك الدجالين أو الشيوخ ربما تأثرا بعصر السرعة!!
يجب أن تتغير تلك النظرة القاصرة للطب النفسي والخجل من الذهاب لعيادة الطبيب النفسي، ويجب أن تلغى فكرة أن العيادات النفسية ملجأ للمجانين، ومحاربة الجهل والخرافة والوصمة السلبية المرتبطة بالطب النفسي.
في البدء يجب علينا تعريف المرض النفسي وهو اضطراب في السلوك والتفكير وقد يتفاقم ليشل حركته ومقدرته للتعامل مع من حوله. وهناك أسباب نفسية وعصبية قد تؤدي إلى اختلال في التوازن والتواصل مع المحيط من حوله، وتؤدي تباعا إلى تأثيرات نفسية مختلفة. ومعاناة المريض قد تؤدي إلى أمراض مختلفة أخرى وهي في تزايد مرتفع خاصة وان تطور الطب قد كشف أن أغلب الأمراض يكون سببها نفسي.
أوجد العلم علاجا لكثير من الأمراض النفسية بالعقاقير أو بجلسات علاجية بين المريض والطبيب بالتحليل النفسي، حيث يستطيع المريض بنفسه خلال هذه الجلسات إيجاد أسباب تلك المشكلات المحددة بعد فترة من الحوار مع طبيبه. فالتشخيص النفسي والطبي هو أول طريق نحو إيجاد حلول لأي مشكلة.
إذن يجب أن لا نخجل من مشاكلنا النفسية فمسبباتها تكون حولنا وأعراضها قد تؤثر علينا وعلى من حولنا والسكوت عنها قد يفاقم المشكلة، والبحث عن العلاج بأيدي من يتلاعب بالدين والدجالين أو الانعزال والعزل لا تعالجها، ولكن تأخذ منحنىً يزيد المرض فيه ويشتد بالاعتماد على قوى غيبية سببا لما يحدث معك. يجب أن نولي هذا الجانب المزيد من الاهتمام خاصة من قبل الأسرة التي تلعب الدور الأساسي في تحسين وتأمين العلاج وعدم التردد باللجوء إلى الطب النفسي. إن المجتمع والمؤسسات الحكومية والأهلية لها دور كبير عليها أن تلعبه لتحسين الوعي الصحي لدى الأفراد وتطوير ودعم الخدمات الصحية النفسية لخلق بيئة متفاهمة وواعية بالظروف التي يمر بها الفرد، فغياب الوعي يعتبر عائقا ووضعا خطيرا يؤثر على الفرد والمجتمع ويمنعه من أداء وظيفته على أكمل وجه.



ممارسة سيئة تتم في الخفاء





يعتبر ختان البنات من الممارسات والعادات السيئة التي تمارس ضد الفتاة، وبالرغم من إن المجتمع قد وعى خطورة هذه الممارسة وأضرارها، ولكن لا تزال هناك فئات كثيرة تمارسها بتستر وبجهل لنتائجها وخطورتها على الطفلة والمرأة مستقبلاً، حتى الفئات المثقفة بالمجتمع ليست على علم ودراية كافية بخطورة الختان من قطع أو بتر جزء من العضو التناسلي لدى المرأة، ويتم الأمر دائما بعيدا عن الأعين، مخلفا وراءه خطورة طبية ونفسية واجتماعية يسعى هذا المقال إلى إيضاحها.
يوجد نوعان للختان: ختان الجزء القريب من البظر، وختان كامل البظر. والبظر هو ذلك العضو الضامر والمماثل تماما من حيث التكوين والنشأة للقضيب عند الذكر، يتكون من أوعية دموية وأعصاب شديدة الحساسية تنقل الرغبة والإحساس إلى الدماغ، وهكذا فإن هذا الجزء الصغير من الجسد هو الذي يستشعر اللذة والرغبة عند الممارسة بين الزوج وزوجته للوصول للحظات من الحميمية للإثنين معا وليس لطرف واحد فقط.
وبالرجوع إلى تاريخ الختان، نجد أنه ذو أصول فرعونية وليست دينية، وقد انبثق من طقوس وخرافات كان يمارسها شعوب تلك المنطقة، فقد كان من عادة المصريين القدماء ختان الفتيات تقرباً من آلهتهم من أجل الزواج والنسل، ويرمون تلك القطعة في النهر حتى تحقق لهم آلهتهم تلك الأمنيات، ومن غير المعقول أن يمارس الأهل تلك العادة حتى الآن تقرباً من آلهة لم تعد موجودة!
كما مارست القبائل الإفريقية ختان كامل بظر المرأة بسبب خرافات التضحية واتقاءً لغضب آلهتهم. ﺗﻘﻮل أﺳﻄﻮرة أﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﻟﻘﺒﻴﻠﺔ "دوﺟﻮن" أن اﻹﻟﻪ "أﻣﺎ" قبض على ﻣﺼﺮان ﻣﻠﺊ ﺑﻄﻴﻦ فخاري ورﻣﺎﻩ ﻓﺘﻜﻮﻧﺖ اﻷرض على ﺷﻜﻞ امرأة ﻣﻀﻄﺠﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮها، وﻋﻨﺪﻣﺎ أراد "أﻣﺎ" ﻟﻘﺎء هذه اﻟﻤﺮأة ﻣﻨﻌﻪ هذا اﻟﻌﻀﻮ اﻟﻤﻠﻌﻮن ﻓﻘﺎم اﻹﻟﻪ ﺑﻘﻄﻌﻪ ﻟﻴﺘﻢ اﻟﻠﻘﺎء، وﻣﺎزال هذا الاعتقاد هو أﺳﺎس ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺨﺘﺎن ﺣﺘﻰ اﻵن في ﺗﻠﻚ اﻟﻘﺒﻴﻠﺔ.

إذن مبرر وجود الختان أساسا هو تطهير المرأة وتثبيط رغباتها، وكما يُقبل الرجل على المقويات الجنسية من طبيعية أو كيميائية تقبل العائلة على قطع أو بتر جزء من عضو الفتاة لجعلها باردة جنسيا لا تتفاعل مع رغباتها الجنسية السليمة مع زوجها، وفي ذلك ممارسة اجتماعية متناقضة. ولكن للمعلوم فإن الرغبات دائما تنبع من الدماغ، وتقوم أجزاء الجسد بالإيذان للدماغ للإحساس بالإشباع. فالرغبة والدافع الجنسي ينشآن في المخ وتحركهما الغريزة الفطرية ولكنهما يخضعان دائما لسيطرة الفرد والهرمونات والتفاعلات الكيمائية والحالة الاجتماعية والصحية والنفسية، ولا دخل للبظر بالعفة ولا انبعاث الرغبات.
ومع مرور الوقت أصبح فعل الإخصاء يمارس ضد المرأة كعادة متوارثة انتقاصا من حقوقها ورغباتها. وتقوم بها فئات من نساء مجتمعنا بدون دراية عن الأسباب، ولو علمنا الأسباب لانتهت واندثرت هذه العادة. 
إن للمرأة دورا فعالا في مجتمعها ومن غير المعقول أن تمارس عادة كهذه حتى الآن لنظرة دونية تنظر لجسد المرأة كما لو أنه وعاء للجنس فقط، فهي كائن أنثوي خلقت هكذا، فكيف تجرم ويبتر عضوها؟!
فبالتربية الحسنة والثقة بأحقية الفتاة وإنسانيتها وليس بيد تقطع وتجزئ جسدها تصل المجتمعات إلى الأخلاق السامية.
مساوئ الختان طبيا ونفسياً كثيرة وتبدأ من الطفولة حتى الكبر، ومن أهمها: الصدمة التي تتلقاها الطفلة وهي صغيرة من الألم لأسباب تجهلها. فهذه التجربة الأليمة تُنشئ في العقل الباطن بابا للكبت يهيمن على نظرتها للحياة بعد ذلك.
كذلك الجرح الذي يسببه الختان، خاصة وأن عملية الختان تجرى بأيدٍ غير خبيرة بالطب وأصوله بسبب تجريم عملية الختان طبياً، وهذا ما يؤدي كثيرا إلى نزيف شديد للفتاة وفي الكثير من الحالات قد يؤدي إلى التهابات مزمنة وتراكم الميكروبات والتكيسات التي قد يؤثر على الإنجاب وعقم لديها في المستقبل. وهناك الكثير من الحالات التي تؤدي إلى وفاة الطفلة بسبب النزيف، واضطراب المجرى البولي مما يؤدي إلى مرض مزمن.
ويقود ختان البنات أيضا إلى ضعف في العلاقة الزوجية أسبابها البرود الجنسي وعدم التفاعل في العلاقة. كذلك يُحدِث ألما عند الجماع بسبب تلك الالتهابات والأمراض المزمنة، مما يولد رفضا في اللا شعور لأي تقارب بينها وبين شريك حياتها، وهو ما يولّد مشاكل أخرى عميقة في الأسرة، من طلاق أو خيانة وغيرها.
ويمتد تأثير هذه الممارسة على المرأة من الناحية النفسية في سن البلوغ مما يجعلها في حالة من الكآبة الدائمة والعصبية وخلق المشكلات، لعدم الوصول إلى الإشباع الجنسي. ليؤدي إلى فقدانها الرغبة بممارسة واجباتها ورغباتها لتصبح كائنا غير مبالٍ بحياته، أو تبحث عن أكثر من علاقة لإشباع رغباتها المفقودة. 
فأي عنف يمارسه الأهل على الفتاة لأنها أنثى؟ وأي عنف يتغاضى عنه المجتمع رغم أنه عادة وحشية تمارس ضد نصف المجتمع؟
كل عضو في جسد الإنسان له وظيفته الخاصة، فلماذا بتر وتشويه قطعة خلقت في جسد الأنثى ولم توجد عبثاً؟
ولأننا ندرك اليوم ما تحمله هذه الممارسة التقليدية –التي مازلت مستمرة في السر- من  أضرار وأمراض فإنه يجب أن يسن قانون تشريعي يمنع ممارسة هذه العادة لما لها من مساوئ كثيرة وكبيرة، وليتم سد الباب على من يمارسونها في الخفاء.