أقوال

إن الأمة المستعبدة بروحها وعقليتها لا تستطيع أن تكون حرة بملابسها وعاداتها .(جبران خليل جبران) _______ الصمت ينطق، والخوف ينتصر على نفسه، والجدار السميك يصبح أشلاء متهاوية على الأرض. (عقل العويط)

السبت، 12 مارس 2011

فلتكن القراءة وجبتنا اليومية




(القراءة تعني الاقتراب من شيء في اللحظة التي هو فيها على وشك أن يخلق)
إيتالو كالفينو

 انتهت فعاليات معرض مسقط الدولي للكتاب، وخرج زواره محملين بمختلف أنواع الكتب المعرفية والثقافية، وخرجت وكلي تساؤلات هل من الممكن أن تكون القراءة والمطالعة في مجتمعنا مواسم ؟ وهل تطلعات القارئ محددة فقط بفترة المعرض؟ ما الأسباب التي جعلت القراءة مرتبطة بأوقات سنوية محددة ؟
القراءة تعمل على تشكيل الشخصية المميزة لكل فرد بالمجتمع، وتبرز الأفكار وتنمي الثقافة، ولها دور أساسي في التقدم السياسي والاجتماعي والاقتصادي في كل مجتمع متحضر، فهي مساهم قوي في بناء وصياغة وجود المجتمعات، فلماذا يعزف الكثيرون عن القراءة؟
وقد عرف فن القراءة بحسب كتاب ( كيف تقرأ كتاباً) على النحو التالي: إنه العملية التي يعمل بها الذهن على حروف مادة مقروءة دون أية مساعدة من خارج المادة المقروءة ويرقى الذهن من خلال قواه الذاتية. وفي هذه الحالة ينتقل الذهن من مرحلة الفهم الأقل إلى مرحلة الفهم الأكثر. وهذه العمليات الماهرة التي تسبب حدوث الحالة تتألف من الأفعال المختلفة لفن القراءة.
فالقراء تزيد من مخزوننا للمعلومات والأحداث، وتكشف لنا الحقائق كلنا حسب فهمه، وهي الأداة الأساسية نحو التعلم واكتساب المعارف.
وقد ذكر أحد الكتاب بأنالشخصية الخاوية العقل معرضة للانحراف والضياع بسهولة، بينما الشاب المثقف لديه من الثقل الداخلي ما يجعله يعزف عن الأمور المضرة وغير البناءه"
ولكن ومن حيث نرى نجد إدمان الشباب على القنوات الفضائية في كل أوقاتهم، والإنترنت بجانبه السلبي جعل من المعلومة والمعرفة طريقة سهلة بين القص والنسخ بدون محاولة تشغيل العقل والتفكير والتدقيق، وكذلك إدمانهم الخروج إلى الأماكن الترفيهية أبعدهم عن الوعي بأهمية قراءة الكتب لاكتساب المعرفة والخوض في حوار تبرز حقوقهم وحرياتهم، بل يكونوا في الغالب مسطحين الفكر ومنغلقين عن الثقافات المختلفة، فبالقراءة تنفتح على العالم كله ويصبح بين يديك حضارتها وعلومها المختلفة.
الانتقاص من أهميتها في مجتمعنا يبدأ من الأسرة وسنوات الدراسة المدرسية التي تنتقص من دور القراءة المهم، فدور القراءة أساسي في تنمية قدرات وإدراك الطفل لاستيعاب التساؤلات التي يطرحها عما يدور حوله، مما يساعده على النضج العقلي وتنمية وعيه الثقافي. ففي الغالب تهمل الأسرة ترسيخ حب القراءة والمطالعة لدى الطفل و تكتفي بالاعتماد على دور الكتب المدرسية. لذلك لابد للأسرة أن تنشئ الطفل وتشجعه على حب القراءة وأن تدرك أن زيادة الوعي بأهمية القراءة تبدأ من نعومة أظافره وهي ضرورية للحياة وطريقه للوصول إلى سبيل في التعامل مع مجمل الأمور الحياتية،  كما يجب أن تشد انتباهه إلى القراءة والمشاركة في اختيار الكتب المختلفة وتعزيز ثقته بما يحب من أنواع العلوم المكتبية، لابد أن تكون الأسرة قدوة للطفل في حب القراءة والمطالعة، ومن المهم أن توفر الأسرة مكتبة لتشجع الأبناء وتحفزهم على إضافة الكتب التي اقتنوها على رفوفها، والاهتمام بتخصيص جزء يومي للقراءة ومشاركة وجهات النظر والإنصات إلى آرائه عن طريق طرح تساؤلات عن ما يدور حوله الكتاب وما هي أفكاره والمعلومات المستفاد منها. كما على المناهج الدراسية التي تنمي وتشجع حب القراءة، وأن يتم تطوير مراكز مصادر التعلم والمكتبة المدرسية لكي لا تنحصر فقط حول مواضيع معينة في التاريخ والأدب القديم فهي لا تتماشى مع متطلبات العصر والمستقبل من علوم تساعد الطالب على توسيع وعيه السياسي والاقتصادي والأدبي و العلمي. وأثاره الرغبة لدى الطالب للقراءة والبحث والإطلاع، ولا يقتصر دور المؤسسات التعليمية بتعليم الكتب الدراسية بل واجبها كذلك تثقيف الطالب.
قد تؤدي في كثير من الأحيان غلاء المعيشة والبحث عن مصدر الرزق إلى إهمال الأفراد لأهمية القراءة، بالتالي تؤثر تأثيرا خطيراً على الأوضاع الاقتصادية في أية دولة،  ولذلك يجب أن تدرك المؤسسات والمجتمع أن تطورها مرهون بالحراك الثقافي لدى مواطنيها، فبالقراءة تزدهر الأفكار وتتطور وتساعد على بناء الحضارة وزيادة الإنتاج.
كما لابد أن تدرك المرأة أهمية القراءة في أثبات وجودها وحضورها ووجهة نظرها في جميع جوانب الحياة، فالقراءة والمطالعة تعزز من ثقة المرأة نحو مشاركاتها الفعالة في المجتمع، وتفتح لها الأبواب نحو مستقبل لإنسانيتها وحقوقها، كما إن الأم القارئة تنقل لأبنائها حب القراءة والمطالعة، وتزرع فيهم الرغبة بالعلم والتعلم، و التثقيف الذاتي للمرأة عن طريق القراءة الحرة يجعلها تدرك وتعي حقوقها وحريتها، وتكون حاضرة من خلال الفعاليات الثقافية والسياسية والاجتماعية والعلمية المختلفة في مجتمعها، فبالقراءة يستمر عطاءها بئر لا ينضب لنفسها ولمجتمعها، فتثقيف المرأة أهم طريق لصنع الحضارات.
فلننغمس في القراءة ولتكن عادة ووجبة يومية نأخذها بانتظام لتزودنا بأهم الفيتامينات التي يحتاجها دماغنا، وتغذي أفكارنا بالكثير من الطاقة التي يحتاج إليها الفكر من أجل التفاعل والتعايش لتأسيس وبناء الحضارات، فهي المفتاح لتواصل مع مجريات الأحداث اليومية "محلية وعالمية"، وهي السبيل للبحث والإطلاع واكتشاف المزيد من المعارف العلمية والأدبية. فالقراءة قوة لا يستهان بها في بناء فكر الفرد وبناء حضارة الشعوب.

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

جميلة هي كتاباتك ، تروق لي
تآبعي ~)