أقوال

إن الأمة المستعبدة بروحها وعقليتها لا تستطيع أن تكون حرة بملابسها وعاداتها .(جبران خليل جبران) _______ الصمت ينطق، والخوف ينتصر على نفسه، والجدار السميك يصبح أشلاء متهاوية على الأرض. (عقل العويط)

السبت، 19 مارس 2011

العوامل المؤثرة على جودة خدماتنا الطبية





الخدمات الصحية من أهم ما يجب توافره في الحياة الحديثة، وبالرغم من عجلة التقدم الذي يشهده العالم في المجال الصحي نلاحظ أن الخدمات والقضايا الصحية لا تلاقي ذلك التقدم الملحوظ والاهتمام بالمستوى الصحي للفرد من جانب وزارة الصحة، فالخبرة الطبية والعلمية تساعد في تحسين الصحة العامة، ومع ذلك نلاحظ وجود خلل ونقص واضح في توزيع تلك الخدمات الصحية في مختلف المناطق والولايات، فقد شيدت المراكز الصحية في كل ولاية ولكنها ناقصة من الخدمات والطاقم الطبي المؤهل. وقد آن الأوان لوزارة الصحة الاهتمام بوضع ميزانية لهذا الجانب للكادر الطبي الذي يشمل الأطباء والخدمات الصحية الواجب توافرها في المؤسسات الصحية في جميع المناطق وإيجاد حلول لأزمة القوى العاملة الصحية وإجراء إصلاحات إدارية من أجل ضمان أعلى مستوى من الكفاءات، فكم هي نسبة الموازنة المخصصة للخدمات الصحية للسلطنة؟ فالمستوى الصحي يؤثر في إنتاجية البلد ومستوى ازدهاره وقدراته الدفاعية ومعدلات نموه، فصحة المواطن من صحة الدولة.
الكوادر الطبية من أطباء تحتاج للمتابعة ولمنظومة من القواعد والقوانين (المتابعة سواء بتشجيع الكوادر المميزة والمؤهلة أو بمحاسبة التقصير والإهمال الذي ينتج في بعض الأحيان)، فالطبيب العام على سبيل المثال يرغب في تكملة التخصص الذي يريده، ولابد أن تسهم الوزارة في تكلفة البعثة الطبية التي تتم في الغالب في الخارج لعدم توفرها في السلطنة، ومع هذا فإن الطبيب الراغب بالبعثة يلاقي صعوبات كثيرة تتمثل بالمقابلة التي تخضع للموافقة أو الرفض لطلبه، ومن ثم عليه تحديد عدد من الاختصاصات التي تحددها الوزارة بحسب الحاجة لها، و خلال سنوات دراسته الأربع أو أكثر (بحسب التخصص) يخضع لعدة اختبارات في خارج السلطنة قيمة كل اختبار ما بين 1200 إلى 1500 ريال أو أكثر، فكيف لطبيب عام متابعة طموحه والمساهمة في عجلة التقدم الطبي مع وجود مثل هذه العراقيل والصعوبات؟
المستشفى البيئة المناسبة لعلاج الأمراض المختلفة والمتفاوتة درجاتها، وهذا يتطلب توافر نقابة طبية تعنى بمتابعة ومحاسبة الأخطاء الطبية والتساهل الذي يحدث للمريض من قبل كادر العمل في المؤسسة الصحية.
أصبح المواطن يبحث في العيادات الخاصة والمتخصصة عن الاهتمام الذي فقده في المستشفيات الحكومية من عناية واهتمام إلى سرعة التشخيص ودقته، ومع ذلك للأسف نجد أن حتى تلك العيادات الخاصة تفتقد إلى الطاقم الطبي، وفي الغالب يتوفر في مجمع صحي خاص طبيب واحد أو طبيبان، والسبب بذلك نقص الكوادر الطبية، فعروض الاستقدام التي تلاقيها وزارة الصحة من الأطباء الوافدين قليل جداً، فعند رغبتها باستقدام 500 طبيب مثلاً من مختلف الدول لا يتقدم سوى 150 طبيبا فقط، السبب في ذلك هو الراتب الزهيد لمثل هذه الوظيفة المهمة والأساسية في السلطنة. وهذه مشكلة ترتبط بوزارة الخدمة المدنية ووزارة المالية، إذ على هذه الجهات إبداء بعض المرونة لتحسين رواتب الأطباء العمانيين والوافدين سعيا لجذب أفضل الكفاءات الطبية.
يسعى الكثيرون في المجتمع عند توفر المبالغ المالية إلى البحث عن العلاج في الخارج، فما هي الأسباب، هل لعدم جدوى العلاج في السلطنة؟ أم لعدم توافر الخدمات الصحية؟ أم عدم وجود الثقة بين المؤسسة الصحية وهؤلاء الأفراد وكثرة الأخطاء الطبية؟ أم أن هناك سببا جوهريا وأساسيا وهو جودة العلاج في بلدان معروفة باهتمامها بالجانب الصحي لديها.
استقالة الأطباء الوافدين العرب أو غير العرب ومغادرتهم السلطنة لأسباب كثيرة مسألة معروفة لدى الجميع بالتأكيد، أولها الراتب الزهيد، وعدم وجود تشجيع للبعثات الخاصة، قلة الكادر الطبي المساعد، الاعتماد الكلي على طبيب واحد في أكثر من تشخيص، وغيرها من أسباب تؤدي لمغادرة الجودة الطبية للسلطنة. الفرد منا يحتاج إلى دقة تشخيص واهتمام في الجانب الصحي ومن الضروري توافره لكي يتم العلاج على أكمل وجه، والأطباء من الوطن العربي مصدر ثقة لأغلب المواطنين لمقدرتهم على التواصل والتشخيص الصحي الصحيح بينهم وبين المرضى والسبب بذلك اللغة. 
توافر الطاقم الطبي في السلطنة من أبناء الوطن لا يزال ضئيل جداً، ولا يزال في خانة المتدربين أو الطلاب، الذين يضعون المريض في كثير من الأحيان في حقل تجارب لعدم وجود اختصاصيين يرشدونهم بالطرق المثلى لعلاج المرض أو الأسلوب الواجب استخدامه مع المريض. 
كما تعاني الصيدليات في المستشفيات من نقص في الأدوية وجودتها، ودائما ما تعتمد على الأقل تكلفة في عالم الأدوية، فيؤدي ذلك إلى تأخر العلاج و التحسن لدى المريض، وبالتالي بحثه في الصيدليات الخارجية عن علاج لمرضه بدون تشخيص المرض مما يؤدي إلى تفاقم المشكلة لديه.
لابد للدولة أن تعمل على زيادة البعثات الطبية إلى الخارج والتكفل بمصاريفها لما لها من نتائج في تحسين القطاع الصحي، الذي يسهم في التقليل من حجم الضغط العملي و النقص العددي للأطباء، كما يجب زيادة التأهيل العلمي لجميع الطواقم الطبية لمواكبة جميع المستجدات العلمية في الجوانب الطبية، مما يسهم بإحداث تغييرات عميقة في عملية العناية الصحية للمجتمع، وواجب الأنظمة الصحية مواكبة التسارع مع مختلف توجهات الصحة والمرض. فالتغيرات والمؤثرات التي تسود الحياة العامة تتزايد، ودور المنظومات الصحية هي محاولة التقليل من تلك الفجوة التي يخلفها المرض بالتقنيات الطبية الحديثة، فتفاعل المجتمع الصحي مع الفرد المريض يؤثر على تصور الفرد لنفسه ولأهميته بالنسبة للآخرين، وهذا ما يؤثر على سعي المريض إلى الشفاء واستعادة عافيته وكفاءته التي تسهم في بناء الوطن والتي هي أحد أهم الواجبات والركائز الواجب توافرها لحقوق المواطن في المجتمعات المدنية، فانتشار الوعي الصحي في المجتمع يساهم في زيادة وعي الفرد بالطب الحديث وتأثيره في مسار حياته اليومية.

ليست هناك تعليقات: