أقوال

إن الأمة المستعبدة بروحها وعقليتها لا تستطيع أن تكون حرة بملابسها وعاداتها .(جبران خليل جبران) _______ الصمت ينطق، والخوف ينتصر على نفسه، والجدار السميك يصبح أشلاء متهاوية على الأرض. (عقل العويط)

الأربعاء، 16 مارس 2011

لثام المتظاهرين






زاملتُ السيدة عادلة الذهلي محررة المدونة الجديدة "هدم الجدران المحظورة" لسنوات من دون أن أعرف هويتها الشخصية فقد كانت تستخدم كمئات النشطاء والكتاب اسماً مستعاراًً. ليس مهماً أن تعرف الهوية الشخصية لزميل في الفضاء الإلكتروني في عُمان مادمت تعرف هويته الثقافية التي يسجلها ويدافع عنها بوعي معرفي وصلابة منهجية. لم أعرف حتى الآن هويات زملاء ذكور فكيف بمعرفة هويات الإناث في مجتمع معوق بأخطار التزمت الديني والإجتماعي والتسلط البوليسي.

اليوم، أشعر بسعادة كبيرة ليس لإن عادلة الذهلي قد اختارت الظهور باسمها الحقيقي فقط بعد نشاط كتابي وثقافي متواصل في صيغ إلكترونية متعددة؛ وهي على أية حال كانت ستفعل ذلك يوماً! إنما بسبب التوقيت الذي يؤكد على أن المجتمع العماني في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين بدأ نضالاً أكثر جماعية ضد قيم ومفاهيم سادت في العقود الأربعة السابقة من عمر هذه الدولة الحديثة.

في القلب من تلك المفاهيم التي سادت بفعل التكريس السياسي وتقاطعاته أو تحالفاته مع أوجه القصور والتخلف الاجتماعي يبرز مفهوم الخوف الذي يتكرس في المجتمعات الاستبدادية والبطريركية التي تلغي الفرد لصالح تبعية من دون حق في الاختيار أو الرفض. ولا يبقى عندها أمام الفرد سوى التمرد ومخاطره هي الأذى على المستوى النفسي والاجتماعي والأمني. إذا تمردت في مثل هذه المجتمعات تصبح مستباحاً في كل شيء وأعزل. من هنا كانت أولويات دفاعية تفرض نفسها على من يريد أن يمارس حقه في التعبير من دون أن يكون طريداً أو على الأقل متجنباً للمخاطر الأكثر مادية؛ حاول العمانيون إيجاد طريقاً ثالثة ومعهم العمانيات الأكثر تعرضاً لتلك المخاطر بسبب كونهن إناث في مجتمع لا يعترف بالمساواة.
انتشرت ظاهرة الأسماء المستعارة والتخفي بأقنعة حتى كادت الأقنعة أن تكون القاعدة، والهوية الفردية المعلنة هي الاستثناء والندرة؛ فثمن التعبير عن الرأي والإفصاح عن الذات قد يكون قاتلاً في وسط ثابت يجهر بعدائيته ويمارسها ضد كل مخالف أو جديد أو متحرك.

لكن الكرامة الإنسانية تنتصر لنفسها في النهاية، وغاية الحياة في التعبير عن الرأي والذات تنهض كالعنقاء من الرماد، وليس مدهشاً أبداً أن ينتفض الشعب العماني للدفاع عن نفسه ضد مصادرة حرياته وحقوقه وأن يكون أول ما يفعله هو نزع الأقنعة والتعبير بالقول والجسد ليل نهار في ساحات ونقاط الاعتصام الواقعي والافتراضي.

غير أن التغيير هو الأصعب، تستطيع أن تنتزع حقاً سياسياً ولو مجزءاً لكنك لن تستطيع أن تغير ثقافة مجتمع في قيمه الاستسلامية المتوارثة والمدعومة من المعادين لحرية التعبير والتغيير تحت شعارات وطنية ودينية واجتماعية.

قد لا نستطيع التغيير كما نريد، لكننا نستطيع البدء به بإن نعلن عن رغبتنا في هدم الجدران التي تحول بيننا وبين البناء الحر لذواتنا، واختراق المحظور الذي يلغي الحق في الاختيار والوجود بالقوة الغاشمة. نستطيع البدء بإنارة دروب أفكارنا.

في خلال ثلاثة أسابيع شهدنا كيف نستطيع أن نغير وزراء ونوجد فرص عمل ونحصل على مخصصات إضافية ونعتصم من أجل المزيد. لكننا لن نستطيع أن نحول التعبير على صفحات الإنترنت من الأقنعة إلى الأسماء الحقيقية، ولا نستطيع إقناع الملثمين في المظاهرات بنزع اللثام.
ما دمنا نختبيء فبعضنا يخاف، وبعضنا يستخدم "الخوف" لإجل إخضاع الآخر والانتصار في الصراع. مادمت مختبئاً تستطيع أن تكون إرهابياً وضحية أيضاً، ولن نقف جميعاً بحرية مكشوفي الوجوه في النور إلا عندما تتحقق العدالة والمساواة.

من أجل هذا علينا أن نبدأ التغيير..

عبدالله الريامي
16-3- 2011
كُتب لمدونة "هدم الجدران المحظورة"


جدار

هناك تعليق واحد:

عادلة عُدي يقول...

شهادة اعتز بها من عبدالله الريامي

من أجل الحرية الفكرية علينا أن نبدأ التغيير.