أقوال

إن الأمة المستعبدة بروحها وعقليتها لا تستطيع أن تكون حرة بملابسها وعاداتها .(جبران خليل جبران) _______ الصمت ينطق، والخوف ينتصر على نفسه، والجدار السميك يصبح أشلاء متهاوية على الأرض. (عقل العويط)

السبت، 26 فبراير 2011

الموسيقى جزء منا (1-2)




"بدون الموسيقى، الحياة ستكون محض غلطة".
فريدريك نيتشه

الموسيقى لغة لا تحتاج إلى ترجمة، وعلم ووسيلة من الوسائل المهمة والضرورية في حياة الإنسان التي تجمع حولها الجميع بمختلف ثقافاتهم كحوار مفعم بالأنغام المختلفة والمبهجة، وهي من الفنون الراقية التي تتباهى بها الأمم والشعوب، وهي منشط له تأثير قوي على مقدرة الفرد على التعامل مع مختلف الأمور من حوله، كما لها أثر إنساني بالغ في الصحة وفي التقارب بين جميع الفئات الإنسانية ذات التوجهات والثقافات المختلفة، حتى باتت الآن من أفضل وسائل علاج الأمراض النفسية والجسدية وعلم يدرس في معاهد متخصصة مما أدى إلى فتح مراكز متخصصة في العلاج بالموسيقى لما له من أثر عميق ونتائج مذهلة على المرضى.
تترك الموسيقى أثرها على الدماغ وتخلق توازنا بين التفكير الباطني والتركيز عليها بما تحمله من أفكار تحث خلايا الدماغ للعمل على نحو أفضل ومميز، وتزيد الموسيقى من سعادة الإنسان، وقد اكتشف العلماء أن الموسيقى الهادئة تريح وتساعد على زيادة قدرات الطفل الإبداعية عند استماعه لها وهو جنين في رحم أمه.
ابتدأت الموسيقى من أصوات الطبيعة في زقزقة العصافير وخرير الماء، وهبوب الرياح وغيرها من أصوات جعلت الإنسان يطور و يبدع في ابتكار المزيد من الألحان التي تحاكي تلك النغمات، فصنع الآلات الموسيقية التي تطلق الألحان ومن ثم نظّم الأنغام مع إيقاعاتها وأوزانها.
تمتد جذور الموسيقى العربية بحسب موقع ويكيبيديا العربي "فيما يزيد عن ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد، فنجد على ضفاف النيل شعبا يتمتع بمدينة موسيقية ناضجة وآلاتها التي جاوزت دور النشوء وبدت تامة كاملة سواء في ذلك الآلات الإيقاعية أم آلات النفخ أم الآلات الوترية"، وقد أوجد لنا التاريخ العربي الموسيقى في أجمل حلتها مع الآلات الموسيقية مثل العود أهم آلة وترية في التخت الشرقي والمفضلة لدى الملحنين والعازفين العرب، كذلك الموشحات أحد الفنون المرتبطة بالتوزيع الموسيقي كقطعة مع وزن وقافية الذي وضعها "زرياب" الذي كانت له إسهامات تاريخية مميزة في عالم الموسيقى العربية. كما يتميز كل الوطن العربي بموسيقى شعبية خاصة ينفرد بها تراثه وحضارته كفن وفلكلور تقليدي يعبر عن الموروث الشعبي لكل دولة. لذلك تعد الموسيقى شيئاً جذريا وأساسيا في أية ثقافة.
من أشهر المؤلفين الموسيقيين: باخ وأجمل معزوفاته Toccata and Fugue in D minor، بيتهوفن ورائعته "السيمفونية الخامسة"، تشايكوفيسكي و "بحيرة البجع" التي تركت أثرها على مسارح فن البالية، وموزارت وشوبان وغيرهم، من أروع ما تركته لنا الثروة الموسيقية الكلاسيكية المميزة.
كل لحن ونغمة تمر علينا لها تأثير على صياغة وتخزين الذكريات في دماغنا، حيث ترسخ الموسيقى في النفوس روح التواصل والتسامح الإنساني المناهضة لكل أشكال التعصب، كما تقودنا الموسيقى لاستقبال أجمل قيم ومعاني التقدير للأحاسيس التي ترتاح إليها النفس لما تتركه من أثر بعد ذلك.
يعتبر التأليف الموسيقى أهم مراحل تطور الفن الموسيقي الذي يرتبط ارتباطا وثيقا بمدى تطور الحركة الثقافية الموسيقية في كل مجتمع والوعي بأهمية دراسة الموسيقى وتأليفها على مستوى عالي والمساعدة على تمويلها، وهنا يأتي دور الأعلام الذي يجب أن يضع في أولويته البحث عن المواهب المميزة في التأليف الموسيقي التي تعتبر من أعقد العلوم الموسيقية وإلى ضرورة تأسيس رابطة للمؤلفين ودعمهم.
وقد ذكر الكاتب والفنان الموسيقي فلاح صبار في موضوعه حول تاريخ الموسيقى دور التاريخ العربي وأثره في الموسيقى العربية حيث قال: إن  للعلماء العظام في التاريخ العربي والإسلامي القديم, الفارابي والكندي وإخوان الصفا والأرموي صفي الدين وغيرهم, دورا لامعا في إغناء الثقافة الإسلامية والعربية. وكان نتاجهم المعرفي معينا لا ينضب لمبدعي الأمم الأخرى للتزود منه ثم إغنائه. وعلينا أن لا ننسى, بأن هذه النخبة من العلماء والفلاسفة العرب قد وضعت السلم الموسيقي و دراسته وتحليله, وعبرت آراؤهم ودراستهم وتحليلهم العالي عن جوهر علم الصوت وأبعاده.. أي المسافات بين درجة وأخرى والتي اتفقت مع علم الفيزياء والرياضيات.
ولكننا إن تتبعنا المسيرة الموسيقية العربية فيما بعد, لرأينا إن الكم الكبير الذي وقع بين أيادينا من الأعمال الغنائية, لا يستند بكثير إلى النظرية الموسيقية بتفاصيلها, بل اعتمد القائمون على شؤون الغناء على الموهبة و التذوق والإحساس, وتجاهلوا ما للموسيقى من رفعة شأن وتهذيب وسمو لروح الإنسان, وتجاهلوا ما يكون للآلة الموسيقية من دور فاعل مهم في إغناء العمل الموسيقي وليس هذا الدور التابع, آلا وهو مرافقة الصوت الغنائي الآدمي فقط. وعليه يمكننا القول بأن الموسيقى عند العرب عرفت بـ "فن الأسماع". 
إن من أهم طرق التطور والتقدم في مجال الموسيقى مواكبتها لكل جديد والاستفادة من تجارب الآخرين في المجال الموسيقي لإبداع وسائل جديدة تخدم العمل وإيصال الفن الموسيقي لمستوى رفيع وراقٍ مميز، وقد تطورت صناعة الموسيقى حتى وصلت إلينا الآن بمختلف  آلاتها الوترية والإيقاعية والالكترونية وآلات النفخ أو الهوائية، ويجب علينا أن نولي المجال الموسيقي بالرعاية الثقافية والفنية وأهمها المجال العلمي، وامتلاك رؤية واعية لأهمية هذا الفن في التربية والتعليم لإيصال المواهب إلى مستوى من النضج كسياسة للتطور والتميز بين المجتمعات، وهذا هو ما سأحاول توضيحه في مقالي القادم حول أهمية دراسة علم الموسيقى في تطور مجتمعنا.


هناك تعليق واحد:

Entrümpelung wien يقول...

شكرا على الموضوع