أقوال

إن الأمة المستعبدة بروحها وعقليتها لا تستطيع أن تكون حرة بملابسها وعاداتها .(جبران خليل جبران) _______ الصمت ينطق، والخوف ينتصر على نفسه، والجدار السميك يصبح أشلاء متهاوية على الأرض. (عقل العويط)

السبت، 26 فبراير 2011

بين شعوذة السحر وعلم النفس




تلجأ كثير من الأسر والأهل عندما لا يستطيعون استيعاب المشكلات التي يعاني منها الأبناء أو الأزواج إلى البحث عن حلول لها بين أيدي الشيوخ والدجالين الذين يفتحون صندوق الشعوذة من تمائم وحروز وخيزران، فيؤدي إلى تفاقم المشكلة بشكل أكبر وانعزال المريض عن المجتمع. وكل هذا سببه تأثير الخلفية الثقافية والاجتماعية في المجتمعات سابقا وما له من تأثير يفرض سيطرته على عدم مواكبة التطور والتقدم المطرد في الحياة والعالم.
فهم بالغالب لا يرغبون بالكشف عن الأسباب الخاصة التي تجعل أحدا منهم منعزلا ومصابا بانتكاسة و اكتأب وبالتالي يقال عنه أصابه سحر، وكأننا لم نستطع فهم المشكلة للذهاب لعالم الشعوذة لنقع في مشاكل أخرى بعيدة عن الواقع. ومن ثم تأخذ حياة ذلك المريض منحنىً محددا بما يتماشى مع وقع كلام من حوله، وبالطبع عدم استيعاب المشكلة تجعله أسير تلك الحالة النفسية والعصبية التي ألمت به، ومحاولة لإيجاد حلول سحرية لدى أولئك الدجالين، خاصة وأن المريض النفسي لا يعرف طبيعة ما يعانيه.
فإذا أصيب طالب متفوق سابقا بإحباط أو اكتأب أو قلق يُعتبر ذلك سببه مس من الجن أو سحر، وإذا أصيبت الزوجة بانتكاسة نفسية ووسوسة وشكوك، وإذا لم يوفق أحدهم بالتجارة أو فشلت صفقته وأصيب بمرض عضوي، وكذلك عندما ترفض إحداهن بصورة مفاجئة للأهل الارتباط بشخص تقدم للزواج بها أو رفض الزوجة القيام بواجباتها، أو إذا أصيب أحد الأبناء لمجرد إسهال "مرض عضوي" سيعتبر كل هذا من قبل السحر أو الجن وغيرها من الاتكال على المصائب لباب الشعوذة والجهل.
كل هذه الأمراض النفسية الموجودة بمجتمعاتنا وغيرها الكثير ومع هذا تُطرَق أبواب الدجالين والشيوخ الذين يبعدون المنطق والعلم في حلول تلك المشكلات. وتتفاقم المشكلة عندما لا يؤمِّن المجتمع علاجا وحلولا للمشكلة في الطب النفسي أو ربما في الطب عامة 
يجب محاربة تلك الأفكار ومواجهة تلك المشكلات النفسية التي تواجه الفرد باستيعاب المشكلة والمرض النفسي عن وعي وإداراك، لذلك فإن الطب النفسي يحلل المشكلة مع الفرد المعني لمعالجتها والرد عليها بطريقة صحيحة، بالتكيف مع المشكلة ومن ثم إيجاد حلول لها وبذل الجهد من اجل الاستقرار النفسي لعلاج مشاكل تكون أسبابها نفسية أو اجتماعية.
فمن الخطورة أن يتخلى الإنسان عن استخدام العقل وتحمل المسؤولية ويترك الموضوع إلى قوة مجهولة من شياطين وجن. وقد كانت المشكلة حكرا على البسطاء من الناس لمقدرة الدجالين والشيوخ على الضحك والسيطرة على عقولهم، ولكن بالوقت الحالي أصبحت جميع الفئات تبحث عن الحلول بين أيدي أولئك الدجالين أو الشيوخ ربما تأثرا بعصر السرعة!!
يجب أن تتغير تلك النظرة القاصرة للطب النفسي والخجل من الذهاب لعيادة الطبيب النفسي، ويجب أن تلغى فكرة أن العيادات النفسية ملجأ للمجانين، ومحاربة الجهل والخرافة والوصمة السلبية المرتبطة بالطب النفسي.
في البدء يجب علينا تعريف المرض النفسي وهو اضطراب في السلوك والتفكير وقد يتفاقم ليشل حركته ومقدرته للتعامل مع من حوله. وهناك أسباب نفسية وعصبية قد تؤدي إلى اختلال في التوازن والتواصل مع المحيط من حوله، وتؤدي تباعا إلى تأثيرات نفسية مختلفة. ومعاناة المريض قد تؤدي إلى أمراض مختلفة أخرى وهي في تزايد مرتفع خاصة وان تطور الطب قد كشف أن أغلب الأمراض يكون سببها نفسي.
أوجد العلم علاجا لكثير من الأمراض النفسية بالعقاقير أو بجلسات علاجية بين المريض والطبيب بالتحليل النفسي، حيث يستطيع المريض بنفسه خلال هذه الجلسات إيجاد أسباب تلك المشكلات المحددة بعد فترة من الحوار مع طبيبه. فالتشخيص النفسي والطبي هو أول طريق نحو إيجاد حلول لأي مشكلة.
إذن يجب أن لا نخجل من مشاكلنا النفسية فمسبباتها تكون حولنا وأعراضها قد تؤثر علينا وعلى من حولنا والسكوت عنها قد يفاقم المشكلة، والبحث عن العلاج بأيدي من يتلاعب بالدين والدجالين أو الانعزال والعزل لا تعالجها، ولكن تأخذ منحنىً يزيد المرض فيه ويشتد بالاعتماد على قوى غيبية سببا لما يحدث معك. يجب أن نولي هذا الجانب المزيد من الاهتمام خاصة من قبل الأسرة التي تلعب الدور الأساسي في تحسين وتأمين العلاج وعدم التردد باللجوء إلى الطب النفسي. إن المجتمع والمؤسسات الحكومية والأهلية لها دور كبير عليها أن تلعبه لتحسين الوعي الصحي لدى الأفراد وتطوير ودعم الخدمات الصحية النفسية لخلق بيئة متفاهمة وواعية بالظروف التي يمر بها الفرد، فغياب الوعي يعتبر عائقا ووضعا خطيرا يؤثر على الفرد والمجتمع ويمنعه من أداء وظيفته على أكمل وجه.



هناك 3 تعليقات:

غير معرف يقول...

سيدتى
ذلك يحتاج لتكاتف المجتمع بأكمله لأن المريض لو كان مثقفا وواعى وذهب بنفسه الى الطبيب النفسى سينظر اليه كل من حوله نظرة ريبة وشك على أنه مجنون فمازالت التفرقة بين الجنون والمرض النفسى لاتجد النور الى أذهان الناس وتحتاج الى نشر الوعى الثقافى .
حتى المجنون يجب النظر اليه على أن المجتمع قد ضغط عليه لدرجة أنه قام بخلق عالم خاص به وعاش بداخله بمعزل عنه .
يجب أن يعترف المجتمع بأنه هو الدافع الرئيسى لكل مريض نفسى وهو من تسبب فى ذلك فالمجتمع هو الجانى والمريض النفسى هو الضحية التى قد لاتجد سبيلا غير الانتحار

مع تحياتى

Wohnungsräumung Wien يقول...

شكرا على الموضوع

Entrümpelung wien يقول...

شكرا على المجههود