أقوال

إن الأمة المستعبدة بروحها وعقليتها لا تستطيع أن تكون حرة بملابسها وعاداتها .(جبران خليل جبران) _______ الصمت ينطق، والخوف ينتصر على نفسه، والجدار السميك يصبح أشلاء متهاوية على الأرض. (عقل العويط)

السبت، 26 مارس 2011

تحركات مشبوهة ومرفوضة



العقلية البدائية:
·        انفعالية ( بمعنى أن البعد العاطفي المبالغ فيه سلباً أو إيجابا هو المسيطر)
·        لا تسبيبية ( بمعنى أنها تعطي للظواهر أسباباً خارجة عنها )
·        لا عقلانية ( بمعنى افتقاد صلة الوصل بين المعطيات والنتائج )
ليفي بريل في كتاب العقلية البدائية



تكتسب الكثير من التحركات الجماهيرية في هذه الفترة أهمية خاصة وذلك بسبب بروز تجاوزات مختلفة على الشارع العماني، تتمثل هذه التجاوزات في حركات التشهير بشخوص ثقافية أو ناشطين إعلاميين أو حقوقيين وغيرهم وظهور بوادر منع فعاليات ثقافية وفنية في المجتمع، وهو ما يعد إرهابا فكريا خطيرا من شأنه إذا استشرى أن يهدد جميع الأنظمة في المجتمع، عن طريق إشاعة ثقافة الرقيب على الجميع، من تحليل أو تحريم هذا أو ذاك، والتضييق على الذين يرفضون الانصياع لثقافة الجهل وبؤر العادات والتقاليد البالية.
إن رغبة مثل هذه الجماعات في فرض سيطرتها على الساحة السياسية من أجل تحقيق طموحاتهم بفرض قناعاتهم علي المجتمع وعلى الجميع، لهو معاداة للثقافة والحرية والديمقراطية، التي تعتبر مصدر قلق لتلك التيارات الراغبة بالعودة إلى عصر الظلام.
فمثل هذه التيارات هي ضد الحرية في كل مناحي الحياة، وتسعى إلى تكريس صفة الإذعان لمطالبهم في كل فرد وتستعين بسلطة القمع لفرض أفكارها، ولا تسمح بأي فكر إلا ما يتناسب مع منظومتها، وتدمر كل ما لا يتوافق معها.
 فالعنف الذي تمارسه هذه السلطة يعمل على إلغاء الحرية الثقافية والفكرية وحرية الرأي والتعبير، كما أنها تمارس تسلطها في قمع حرية المثقفين السياسيين، فهي تجند أي فرد عادي كرقيب على الناس وسلطة قامعة، فهؤلاء الأفراد المجندون لا يربطهم بالثقافة "كفكر وأدب وفن وسياسة" رابط ولكنهم أصبحوا يحاربون كل ما يتنافى من تسلط تلك الأنظمة على الجماعة.
إننا هنا أمام ممارسة لا عقلانية تدعو إلى منع أي حداثة في المجتمع وتمس بصورة مؤرقة الحياة الثقافية، كما إنها تصيب الجميع بدون أن ندري بإعاقة في التعبير ومخاوف من أي تجمعات، فتؤدي إلى انطواء وانعزال الأفراد.
وما يثير الدهشة هو ممارسة هذه التيارات حالياً مبدأ الاستعراض، استعراض قوة مقدرتها على نفي مخالفيها وقمعهم وإكراههم، واستعراض مقدرتها على تلوين الحقائق عند تحليلها من قبل الآخرين بحسب المنهجية التي تقوي سلطتها على الجميع، وتقيد الجميع بالتقاليد لمصلحتها من أجل الانتقال إلى السلطة التي تكون خاضعة لقوانينها من أجلها فقط. كما أنها تلغي مقدرة الفرد على التفكير والانتفاع من التميز بالعقل.
الفكرة التي ينبغي أن تفرض نفسها في الوقت الحالي هي مد جسر التواصل مع حرية الآخرين، وإعطاء التقارب الاجتماعي والإنساني المزيد من الحرية والثقة من أجل الجميع ومن أجل شرعية الممارسات ومن أجل الذات البشرية الحرة.والانفتاح الشامل على جميع الفرضيات العلمية ومنع التطرف الإرهابي الذي يؤدي إلى إقصاء الآخر بسبب الجهل. ومثلما قال الكاتب محمد أركون: "لقد تحولت هوياتنا إلى هويات قاتلة من شدة تمسكنا بها وتعصبنا لها وكرهنا لكل الهويات والتراثات الأخرى"، وهذه هي سيطرة هوية التعليم الأصولي في جوانب الحياة على كل فرد منا، ويجب علينا انتزاع تلك الجذور البربرية الهمجية التي تقمع الحرية من أرضنا.
يجب على الدولة منع كل ما يؤدي إلى المس بالأمن والنظام العام الذي هي معنية به ومسئولة عنه، والحيلولة دون سيطرة فئة معينة على الأفراد وقمع حرياتهم، ولا يجب أن تخضع حريات الآخرين ومعتقداتهم للمحاربة من قبل جماعات تسلطية، كما لا ينبغي ترك المجال للضغوط والإكراهات أن تؤثر في نظرة الإنسان للحياة. وبما إن الانفتاح ضرورة في الحياة المدنية، إذن فانفتاح الفرد على جميع الثقافات هي حرية لا يجب أن تمس وتقمع من أجل تسلط جماعة عليه كعداوة وقسوة وعنف مورست على مرور الأجيال بين الطوائف والمذاهب الذين انغلقوا وبنوا جدرانا بينهم وبين الثقافات الأخرى بالانقياد الأعمى نحو زمن لا وجود له. والذي أدى بسبب تلك الانغلاقات المسيطرة فيه إلى التوقف الحضاري في الوطن العربي على مرور السنين وحتى الآن.
قضية حادثة مسرح حصن الفليج مؤشر هام على الحالة الفكرية والحضارية الخطيرة الذي يمر به المجتمع، ويجب علينا الوقوف عليها والتفكير في عواقبها الوخيمة، التي أدت إلى إلغاء فعالية الحفل، وتؤشر إلى زحف فئات ظلامية في المجتمع، و واجبنا الدفاع عن قيم الحرية والعقلانية التي هي لازمة من أجل التطور والانفتاح الثقافي والفكري. فالمشكلة في هذه الفئات أنها تفرض جمودها الفكري ورؤيتها وانغلاقها على المجتمع كله بالأسلوب الإرهابي من قمع ومنع، وتنصب نفسها أوصياء على أفكار وحريات الآخرين، وقد حان الوقت لكي نتكاتف لمنع التخلف الفكري والحيلولة دون الاستبداد الإرهابي الذي يؤثر في مقومات الحياة "الثقافية والاقتصادية والاجتماعية" من أجل مسيرة التحرر العقلي والفكري والعمل من خلال تنظيمات أكثر وعياً ومرونة في بناء مستقبل الإنسانية المعاصرة، فلنوقف ولنسقط تيارات النزعة الأصولية العنيفة المتعصبة من أجل ازدهار الإبداع والتطور لدى الفرد في مجتمعنا.


ليست هناك تعليقات: