أقوال

إن الأمة المستعبدة بروحها وعقليتها لا تستطيع أن تكون حرة بملابسها وعاداتها .(جبران خليل جبران) _______ الصمت ينطق، والخوف ينتصر على نفسه، والجدار السميك يصبح أشلاء متهاوية على الأرض. (عقل العويط)

السبت، 10 نوفمبر 2012

الحقيبة المدرسية .. إلى متى؟!


يشهد انتباهي يومياً و كل صباح مشهد لتلاميذ يحملون حقيبة تفوق مقدرتهم على حملها، وتخفي خلفها تلميذاً صغير السن غير قادر على تحمل وزن حقيبته المدرسية على ظهره، أو لكتف تلميذ في سنواته الأخيرة من المدرسة وقد تمايل مع تمايل وزن ثقل الحقيبة على كتفه.
وكمدخل فالمشهد السابق يؤثر في المستوى ألتحصيلي للطلبة وعلى رغبتهم بالتعلم وهنا أتساءل: الحقيبة المدرسية.. إلى متى؟ عدد كبير من تلاميذ المدارس يعانون من آلام الظهر في سن الرابعة عشر من عمرهم، وهناك ارتفاع متزايد لحالات تشوهات العمود الفقري والعضلات، فأغلب الحقائب المدرسية وزنها يصل ما بين 15 إلى 25% من وزن التلميذ، وهو ما يؤثر مع مرور الوقت على وزن العمود الفقري ويؤدي لاحقا إلى إصابة الطالب بأوجاع مزمنة وضغط نفسي متواصل ويومي.
تؤكد أحدث الدراسات الطبية أن حمل الطالب للحقيبة المدرسية لمدة 15 دقيقة يعرض ظهر الطالب لاضطرا بات في العمود الفقري خلال فترة لا تتجاوز سبعة أشهر إذا زادت عن 15% من وزنه أو حملها بطريقة خطأ، وتواصل الدراسة سردها إلى أن نسبة الإصابة بأمراض الظهر لدى الأطفال حاملي الحقائب الثقيلة على احد الكتفين تبلغ 30% وتتناقص إلى 7% فقط في حال حملها على الكتفين.
أصبحت الحقيبة المدرسية تحتوي على كتب ثقيلة الوزن بمعدل 8 مواد في اليوم الواحد، بالإضافة إلى حمل علبة الماء أو الأكل، غير المشاريع المطلوبة منه أعدادها خلال الواجب المنزلي، والأدوات الرياضية، كل هذا يحمله الطلاب لمدة تصل إلى 12 سنة من سنواته الدراسية في المدرسة وبصورة شبة يومية خلال العام الدراسي، مما يؤثر سلبا على مستواه الدراسي، وقد تكون سببا في تردي مستواه وعدم تقبله لمفهوم المدرسة في ظل هذا العذاب اليومي والمستمر، ومن ضمن أهم أسباب المشكلة هو إهمال أولياء الأمور أو المعلم لمتابعة الجدول المدرسي باستمرار، فالمعلم قد يطلب من التلاميذ جلب جميع الكتب الدراسية يوميا في حالة توافر حصة فراغ في اليوم، غير أن أولياء الأمور عند شرائهم للمستلزمات الدراسية لا يراعون أن تكون الحقيبة صحية وخفيفة الوزن في ظل توافر تنوع مختلف لشكل الحقائب المدرسية، وبالتالي يهتم ولي الأمر بشكل الحقيبة أكثر من اهتمامه بتأثيرها الصحي على أبنائه، كما أن الحقيبة ذات العجلات لم تحل المشكلة وإنما إضافة زيادة في وزن الحقيبة، فالطريق إلى المدرسة أو داخلها في الغالب غير معبد كي يسهل جر الحقيبة.

المدارس تلعب دور في ازدياد المعانة اليومية لحمل التلميذ للحقيبة فعدم الانتظام أثناء الطابور والتدافع الشديد في الحافلة والفصل، والمسافة الطويلة لوصول التلميذ إلى المدرسة أو رجوعه إلى المنزل، كل ذلك يزيد من حجم المشكلة ويؤثر سلباً على أدائه في التعلم وتقبله للدراسة بصورة صحية وصحيحة ومرضية.
عند الرجوع إلى المشاكل الصحية التي تسببها ثقل الحقيبة المدرسية على الطالب، سنلاحظ: التعب، توتر العضلات، الآم الظهر، تشوه في العمود الفقري، الضغط على الكتفين، أوجاع في الرقبة.
وبالرغم من وضع جدول للحصص المدرسية، فلا تزال المشكلة الصحية للطالب معرضة لانتكاسات وأوجاع، لذلك نحن بحاجة لتكاتف مسئولي التربية لحل هذه المشكلة وتفعيل دورهم لرفع وعي الطلبة وأولياء الأمور والمعلمين كذلك بالأخطار الصحية التي يصاب بها التلميذ خلال حملة لحقيبة ثقيلة الوزن، ووضع آلية لتنفيذ حمله مستمرة ودائمة حول المخاطر التي يتعرض لها الطالب جراء حمله لحقيبة ثقيلة الوزن، فبعض الأبناء يصر على حمل جميع الكتب المدرسية قلقا على مستواه الدراسي، وكحل يجب على أولياء الأمور التشاور مع المعلمين لوضع مقترحات تساعد على إزالة ذلك القلق من التلميذ، كما أن من المفضل متابعة ولي الأمر لحقيبة أبنائه وخاصة الصفوف الأولى، فكثيرا من التلاميذ يضعون مواد وأدوات في الحقيبة لا حاجة إليها في المدرسة.
وكمقترح موجه إلى وزارة التربية والتعليم يساعد على التخفيف من المشكلة، اقترح بناء خزائن في كل مدرسة يحتفظ فيها الطالب بكل أدواته الدراسية التي يحتاج إليها خلال تواجده في اليوم الدراسي، فهي تخفف من ثقل الحقيبة وتساعد على تركيز الطالب بالدراسة خلال المدة الزمنية التي يقضيها في المدرسة.
بالإضافة إلى الاعتماد على آلية تنفذ فيها طرق جديدة لحل الواجبات المدرسية بدون الاعتماد الكلي على وجود الكتب بحوزة الطالب، وإنما بالبحث المختلف للكتب المتوفرة في المكتبات، لزيادة مدارك الطالب.
كما أقترح تخصيص فترة زمنية في جدول الحصص لحل الواجبات المدرسية أثناء المدرسة، واقصد بذلك الواجبات التي تعتمد على شرح الدرس في اليوم.
كذلك ينبغي متابعة الحقائب المدرسية للطلبة في المدارس، وتأليف كتيبات ونشرات توعي أولياء الأمور بأهمية شراء حقيبة صحية لا تؤثر على صحة الطالب وخاصة من هم في السنوات الأولى من الدراسة، وبما أن الفصل مقسم إلى فصلين من الجيد اعتماد الدفاتر ذات عدد الأوراق الأقل لكل مادة بنهاية الفصل الدراسي.
يمكن أيضا إدخال المنهج الالكتروني في الدراسة ربما يكون ذلك حلا وإن كان من الصعوبة تطبيقه في الوقت الحالي، فلا تزال هناك عائلات لا تستطيع توفير تلك التقنية لأبنائها، بسبب غلاء التقنية وقلة المدخول المادي للعائلة.
أما الوعي فهو بلا شك أهم نقطة لحل أية إشكالية يواجهها المجتمع، الوعي بالنظام والوعي بضرورة توفير الأدوات الضرورية والوعي بالمحافظة عليها وصيانتها المستمرة، إن تكثيف برامج التوعية بكل ما يحيط بالحقيبة المدرسية سوف يسهم في تفادي الثقل في الكتب والدفاتر المدرسية الذي يتعرض له الطالب بسبب كتب قد تكون ممتلئة بالتلقين أكثر من امتلائها بالبحث والمعرفة.

نشر بجريدة الرؤية بتاريخ 23/ سبتمبر/ 2012

ليست هناك تعليقات: