أقوال

إن الأمة المستعبدة بروحها وعقليتها لا تستطيع أن تكون حرة بملابسها وعاداتها .(جبران خليل جبران) _______ الصمت ينطق، والخوف ينتصر على نفسه، والجدار السميك يصبح أشلاء متهاوية على الأرض. (عقل العويط)

السبت، 10 نوفمبر 2012

خلل التوظيف


تركزت في الفترة الماضية بجميع وسائل الأعلام إعلانات الوظائف التي كشفت عن وجود خلل كبير وفجوة عميقة في استراتيجية التوظيف لدى المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص بالمجمل، كما يظهر ضعف في تفعيل دور وحدات الرقابة لدى وزارة القوى العاملة في السنوات الماضية.
فكيف من المعقول أن تنبثق ما يقارب عن 56 ألف وظيفة للباحثين عن العمل (36 ألف للقطاع العام والمدني، و 20 ألف للقطاع الخاص ) كأنه لم يكن في الدولة من موظفين!بعد إعلان سابق منذ حوالي سنة عن صدور أوامر سامية بتوفير 50 ألف وظيفة لوظائف سابقه؟ فهل هناك خلل في التوظيف أو في الباحث عن العمل أو في وجود خلل في احتواء أزمة الباحثين؟
الرقم أعلاه للوظائف والباحثين عن العمل يدل على وجود عدد لا يستهان به من العاطلين عن العمل في السلطنة، وتلك إشكالية خطيرة في ضوء بناء الدول المدنية، وفي ضوء التحديات التي يواجهها سوق العمل في السلطنة وفي العالم بالمجمل يكشف عن وجود اختلالات هيكلية في سرعة توظيف تلك الكوادر البشرية، فالحكومة وضعت قوانين ويجب على المؤسسات تطبيقها وتفعيلها والعمل عليها كي تحتوي تلك المشكلة بصورة سريعة ونافذة.
فكل فرد يبحث عن الأمان الوظيفي الذي هو لازم على الدولة توفيره، كما يجب أن نضع في عين الاعتبار مشكلات وهموم القطاع الخاص الذي يعزف الكثير من الشباب الدخول إلى معترك العمل فيه، و التنقلات التي تحدث بصورة شبه يومية للموظف من وظيفة للأخرى ينبغي متابعتها ومعرفة وجه الخلل بالمشكلة وتلافي الجوانب السلبية فيها، بالإضافة إلى إن نقطة الخبرة الذي يبحث عنها غالبا القطاع المدني والخاص تنقص لدى الباحثين عن عمل في ضوء عدم وجودهم في سوق العمل سابقا، وهناك المخرجات التعليمية لسوق العمل من الطلاب وهي تتجدد سنوياً، فهي الاستراتيجية التي وضعتها وزارة القوى العاملة لتلافي بطء العملية التنموية والوظيفة لهذه الكوادر البشرية ؟
إن أية استراتيجية مأمولة لتوظيف الكوادر البشرية في القطاع الخاص عليها أن تستهدف تحقيق النمو على المدى المتوسط والطويل، وأن تضع على رأس قائمة أهدافها تحقيق التوظيف الكامل، ولكن هذا لا يتحقق فقط من جانب الحكومات، بل هي شراكة يفترض على جميع الأفراد التكاتف من أجل حلها. تأخذ في اعتبارها دروس وتجارب التنمية الماضية، وتضع ضمن أولوياتها تحقيق فرص العمل للعمالة المحلية.
المطلوب أيضاً رصد معدلات البطالة المتراكمة، بالعمل على استمرار الارتقاء بالقدرة الذاتية التمويلية، عن طريق الاعتماد الأساسي لقدرات الشباب والثقة بهم، ووجوب ضوابط للاستثمارات الأجنبية بحيث لا يكون توظيفها للعمالة المحلية هامشيا، وإنما لخلق توازن وشراكة تتطلع إليه أي مجتمعات تنموية بين مواطنيها وبين الاستثمارات الأجنبية.
ولضمان زيادة التوظيف يتعين متابعة سياسات التعليم والتدريب وإعادة النظر إليها بين فترة وأخرى، من اجل متابعة حاجيات سوق العمل مع المؤهلات التعليمية والتدريبية للباحث عن العمل،  فمن الأهمية وضع برنامج متواصل لتدريب وتعليم وتوظيف الباحث عن العمل، للارتفاع بمستوى الإنتاجية البشرية في البلاد.
كذلك ينبغي متابعة الاحتكارات التي تحدث لدى الشركات والتي تفرضها في السوق، فهي تؤثر تأثير سلبي بينها وبين الشركات الصغيرة التي تحاول أن يكون لها مكانة في المشروع التنموي للبلاد، فالحكومة هنا مطالبة بتحفيز جميع القطاعات وأخص بها المشاريع الصغيرة للمحافظة على سير العملية التنموية بشكل متساوٍ ومتوازٍ مع القطاع الحكومي الذي لا يزال شاغل الباحث عن العمل، فالقطاع الخاص بحاجة إلى توافر مزايا وحوافز مقررة قانونيا تساعد من جذب الباحث عن العمل للوظيفة وتخفف من الضغط الذي يحدث في القطاع الحكومي، بحيث لا يكون الجانب الاقتصادي للقطاع الخاص مهمل من جانب المؤسسات الحكومية وإنما وضع شراكة بينهم، للاستفادة من خبرات القطاعين في تقليل مشكلة الباحثين عن عمل.
تتطلب استراتيجية تشغيل القوى العاملة أيضا اكتساب أنواع التعليم التي تفي بأغراض سوق العمل وخاصة سوق القطاع الخاص بما يؤدي إلى تعود الفرد على إيجاد حلول لصعوبات العمل، وتلك هي احد أهم المعضلات التي أدت إلى الابتعاد عنه، فالفرد لا يزال لا يتقن إيجاد حلول للمشاكل التي تواجه في سوق العمل، بسبب نقص الخبرات التعليمية التي تساعده على بناء مخطط وخارطة تساعد على احتواء المشروع وتلافي أي خطأ ممكن أن يحدث، ويقلل من اعتماده الكلي على القطاع الحكومي، كما إن أغلب العاطلين عن العمل هم من الشباب الصغار السن الذي يجب على الدولة الانتباه والتركيز عليهم، فهم كوادر بشرية في حاجة إلى الاحتواء والاهتمام.

نشر في جريدة الرؤية بتاريخ 12/ سبتمبر/ 2012

ليست هناك تعليقات: