أقوال

إن الأمة المستعبدة بروحها وعقليتها لا تستطيع أن تكون حرة بملابسها وعاداتها .(جبران خليل جبران) _______ الصمت ينطق، والخوف ينتصر على نفسه، والجدار السميك يصبح أشلاء متهاوية على الأرض. (عقل العويط)

الأربعاء، 24 أبريل 2013

هل التعليم المدرسي على حافة الهاوية؟!




لا يزال الطلبة يعانون من عدم تماشي اسلوب المنهج الدراسي الحالي مع التطور التقني الذي يحدث في العالم، وما اقصده الاعتماد الكلي على أسلوب التدريس القديم من حفظ وتلقين وابتعاد عن تطبيقه بالامثلة والتدريب والشرح على ارض الواقع. مثال عليه الاعتماد على الكتاب لإيصال المعلومة للطالب وبعد ذلك المذاكرة والحفظ اللذين ينهمك فيهما الطالب قبل موعد الامتحان بيوم، فينكب في محاولة منه لحفظ جميع المعلومات التي تلقاها خلال الفصل عن ظهر قلب من أجل أن تكون نتيجته بالامتحان ممتازة، مما يؤدي إلى تراكم المعلومات وارهاق للدماغ وبالتالي قد يسبب له الكثير من حالات الكآبة واليأس إن لم تكن النتيجة مرضية ومثلما يرغب بها، وكل هذا أسبابه تعود إلى أسلوب التعليم الذي اعتمدته المناهج الدراسية والمعلمين من تحفيظ وتلقين الطلبة للمعلومات أكثر من الاعتماد الكلي على الشرح وايصاله بصورة سلسة وواضحة على أكمل وجه للطالب، من خلال المناقشة والتحاور و التدريبات التطبيقية والعملية المبدعة والامثلة المبتكرة التي يستقيها من خلال البحث في البيئة، مثال عليه مادة الدراسات الاجتماعية للصف الخامس وتحديداً درس الخطوط والعرض، من الملاحظ أن الدرس يعتمد على أن يحفظ الطالب خطوط الطول والعرض الموجودة في العالم، وبالتالي ينهمك المعلم في الاعتماد الكلي على اسلوب الكتاب بدون وضع تقنية جديدة تضيف للطالب في تلك المرحلة المعلومة الجديدة بصورة واضحة وشيقة بالامثلة من المكان نفسه الذي يسكن فيه الطالب، من اجل شرح كيفية قراءة الخريطة أو من أجل معرفة موقعها الجغرافي على الارض، وبالتالي يضطر الطالب إلى حفظ المعلومة مثلما هي عليه بدون شرح كافي قادر على ضوئه الاستفادة منها في المستقبل، ولعلي اتساءل هنا كيف من الممكن لطالب في عمر 10 سنوات ان يستفيد من حفظ معلومة مهمة مثل هذه بدون الشرح والتوضيح والتفهيم؟ وكل هذا اسبابه تعود إلى اعتماد المعلم على الاسلوب القديم في التدريس عن طريق الورق والواجبات والاختبارات التي تجعل من المعلومة حاليا لا حاجة إليها، وما أقصده هنا أن شبكة الانترنت حالياً تقوم بهذا الواجب بدون الحاجة إلى معلم، ويتبقى للطالب فقط الاعتماد على أن يحفظ معلومات من أجل يحصل على درجات تؤهله لدخول مرحلة دراسية عليا كالجامعة أو الكلية.
إذن نحن بحاجة إلى تغيير ادوات المنهج الدراسي لتتماشى مع قدرات الطالب الحالية، فهو حالياً قادر على الوصول إلى أي معلومة يريدها عن طريق المواقع الالكترونية، كما أن هناك جامعات في الوقت حالي تعتمد على التعليم عن طريق التواصل الالكتروني من أجل شرح المحاضرات للطالب وهو في أي مكان، وهذه الطريقة سهلت للطالب الجامعي الوصول السريع للمحاضرة والاستفادة منها في أي وقت يشاء، فمع انتشار تكنولوجيا المعلومات وازدياد الصفحات والمواقع التي تعني بالتعليم اضحى التعليم عن طريق التقنية الالكترونية وفي المنزل من ضمن الدراسات المعتمدة والموثقة وبالتالي يسهل للمتلقي والمتعلم القيام بأكثر من عمل خلالها، وربما سيأتي يوم ينقرض فيها وجود المعلم في المدارس في ظل التطور بالتعليم التكنولوجي، فبحسبه بسيطة نجد أن تكلفة التعليم التكنولوجي أقل إذا وضعنا معلما واحدا لمادة معينة لجميع الطلبة في كل مدارس المنطقة عن طريق التعليم الالكتروني بمواقع تعليمية مميزة وذات خبرة في مجال التعليم التكنولوجي بديلا عن حضور المعلمين في المدرسة.
كما أننا بحاجة لتغيير أدوات المنهج وأسلوبه بسبب الضغط الذي يمارس على الطالب قبل واثناء فترة الامتحانات، فمن الملاحظ في هذه الفترة أن الدراسة أضحت في احدى صورها نوعا من أنواع العقاب للطالب فيمارس عليه الضغوط من اجل استيعاب جميع المعلومات وحفظها بصورة سريعة وفي ظرف قياسي قبل موعد الامتحان بليلة، كأن العلم والمعلومات التي أخذها خلال العام الدراسي هي سباق من أجل النتيجة وليس من أجل المعلومة، وبالتالي تكون فترة الامتحانات من أصعب الفترات التي يواجها الطالب وتظل في ذاكرته حتى وقت طويل، كما أن ذلك الضغط الذي مورس عليه من أجل النتيجة لن يفيده مستقبلا بسبب نقص المنهج الدراسي عن الاسلوب التطبيقي المبتكر والمبدع للدرس بالتدريبات والامثلة والبحوث، لذلك سرعان ما تتلاشى تلك المعلومات التي اعتمدت على الحفظ بدون الشرح ووجود الادوات اللازمة لإيصالها على اكمل وجه، ومع توافر شبكات الانترنت اصبحت المعلومة تصل للطالب الذي حصل على نتيجة متدنية بمنتهى السهولة وفي متناول الجميع بعد انتهائه من المرحلة الدراسية، إذن الاشكالية هنا في توفير بيئة مدرسية ابداعية ومنفتحة على كل الطرق الحديثة لمستجدات التعليم الحديث من أجل تهيئة الطالب القادر على التعاطي مع المعلومة بصورة واضحة في المرحلة العليا من الدراسة الجامعية، فالجو الجامعي يعتمد على المحاضرات والحوارات التي يجب أن يتهيأ لها الطالب خلال سنواته الدراسية السابقة، فالطالب حالياً ينتظر بفارغ الصبر نهاية اليوم الدراسي بسبب الضغوط والقيود التي تمارس عليه من صمت تام اثناء الحصة الدراسية فتصيبه حالة من عدم التفاعل والكسل والرغبة بانتهاء الحصة الدراسية بأسرع وقت ممكن، ولكن لو كانت الحصة الدراسية تعتمد على النقاش والحوار وتبادل الافكار ومشاركة جميع الطلبة فيها بصورة جماعية تحرك الجميع للإبداع والابتكار في مجال المادة لما سببت هذه الحالة للطالب.
ما نحن بحاجة إليه حاليا هو التعليم المبتكر الذي تكون أساسياته التفكير والابداع والتحاور، أما التلقين والحفظ والتوجيه فهو يأخذ الطالب إلى طريق ومنحنى الهاوية لأن المنهج الحالي خالي من تشجيع المناقشة وتبادل الآراء والافكار وتنمية القدرات الابداعية وخلق روح المنافسة الايجابية في البيئة المدرسية، فأسلوب التدريس واعطاء المعلومة يؤثر في المخرجات التعليمية للطلبة، وكل ما على وزارة التربية والتعليم هو تحفيز وتشجيع المدارس على ابتكار أساليب حديثة للتعليم عن طريقة المتابعة الشهرية للمدارس ووضع جوائز تشجيعية للمعلم المبتكر في مجال المادة، لأنها تلعب دوراً مهما في تحفيز المعلم والمدرسة على العطاء وتقديم المبتكر، كما أنها تغيير وتؤثر على سير العملية التعليمية للأفضل كي تتلاشى من ذهن الطالب صورة المعلم السلبية كملقن.

نشرت في جريدة الرؤية بتاريخ 24/ابريل/2013م 

ليست هناك تعليقات: