أقوال

إن الأمة المستعبدة بروحها وعقليتها لا تستطيع أن تكون حرة بملابسها وعاداتها .(جبران خليل جبران) _______ الصمت ينطق، والخوف ينتصر على نفسه، والجدار السميك يصبح أشلاء متهاوية على الأرض. (عقل العويط)

الأربعاء، 17 أبريل 2013

بين شح الماء وانفجاراته ،،،، أزمة إدارة




تعرضت ولايتا السيب والمصنعة الأسبوع الماضي لأزمة مياه اختلفت حولها الأسباب والحجج، ولكنها اتفقت على وجود اهمال شديد لدى المؤسسات الحكومية عموماً والهيئة العامة للكهرباء والمياه خاصةً، تبين مقدار عجز الإدارة في معالجة الازمات التي من الممكن أن تتعرض لها السلطنة في المستقبل، وفيما يخص أزمة المياه من الملاحظ أن السلطنة وتحديداً مسقط تعرضت لمشاكل مختلفة تختص بالمياه، ظهرت بكثرة خلال الفترات الماضية، بصورة انذارات لضرورة السرعة في ايجاد حلول لآلية التعامل مع هكذا اوضاع في المستقبل، فالمشكلة ابتدأت منذ اشهر من خلال انفجارات انابيب المياه التي حدثت في منطقة الخوير، اظهرت عن وجود خلل في التخطيط وإدارة انابيب المياه لدى المؤسسة المشرفة عليها، انتهاءً بمشكلة انقطاع المياه عن ولايتي السيب والمصنعة.
وعند محاولة معرفة الأسباب الرئيسية لمثل هذه المشاكل فإن الأجوبة توضح حجم الوضع الخطير التي تمر به الهيئة من سوء تخطيط ودراسة، ففي أحد الاسباب التي ذكرتها الهيئة وحاولت توضيحها انصبت على أن سبب انقطاع المياه عن ولاية السيب خلال اليومين الفائتين يعود إلى زيادة الاستهلاك اليومي للمياه عن المعدل الطبيعي، بالاضافة إلى التوسع العمراني والصناعي الذي تصادف مع زيادة استهلاك المياه، تلك ربما تكون حجج منطقية في حالة عدم الاعتماد على الدراسة والتخطيط في مواجهة المصاعب، ولكن للاسف فأن الهيئة لم تعترف بوجود تقصير واضح من جانبها في تفعيل آلية تخطيط ودراسة المشاريع في مشكلة المياه، وهذا ليس فقط بالنسبة للمياه، بل هناك ايضاً ازمة انقطاعات الكهرباء المستمرة في المناطق التي تبين حجم الثغرات لسوء الادارة التي ما عادت تخفي على المواطن، فهل التعداد السكاني الذي تم العمل عليه خلال السنوات الماضية غير مجدي لمعرفة حجم الاستهلاك؟  ولتفادي مشكلة التضخم السكاني؟ فالتعداد لا يعمل على معرفة عدد السكان وحسب، بل من أهم فوائدة معرفة البنية الاساسية للسلطنة للعمل على وضع دراسات وبحوث وتخطيط مستمر حولها وعلى ضوء حجم المتغيرات في الزيادة السكانية وفي التغيرات الاقتصادية للبلد ، ومن هذا المنطلق اتساءل: هل السلطنة قادمة على مشكلة أزمة مياة أو أزمة إدارة المياه؟
الوضع الحالي للازمات التي تظهر للمواطن ما عادت من المجدي ترقيعها، فالمشاكل اليومية التي يتعرض لها الفرد من خلال أزمة مياة نتيجة إلى البطء في ايجاد الحلول للمشاكل التي يواجهها يومياً ( مثال على ذلك التوظيف وارتفاع غلاء المعيشة والحوادث المتكررة ) يجب التفعيل الجاد والسريع لآلية إدارة الازمات التي من الممكن أن لم يتم إيجاد حلول لها وبصورة سريعة ربما ستخلق كارثة تراكمية للمشاكل ذات الحلول المرقعة، والذي من الممكن أن يؤدي إلى انفجارات متواصلة للاحداث التي لم يتم حتى الآن التسريع في علاجها، كما أن النظام القديم الذي يسير العمل حاليا ما عاد قادر على سد الثغرات وتستر على المشاكل التي يتعرض لها المواطن، وما تحتاجه المؤسسات الحكومية في الوضع الحالي هو الانضباط داخل المؤسسة لأجل المواطن والوطن، بالتوسعة في مجال إدارة الازمات عن طريق المهارات والتقنية لتحديد وتقييم وفهم واستيعاب أي أزمة قد تؤثر على البلاد في المستقبل، فالمشاكل الحالية التي يتعرض لها الافراد من قبل المؤسسات الحكومية توضح حجم الثغرة التي تفصل بينهما وحجم الثغرة بين المؤسسات الحكومية وكيفية إدارة الأزمة بالخطط البديلة والتدريبات السريعة التي تكون دائما في حالة تأهب للأوضاع التي يمر فيه المجتمع، وما تحتاجة المؤسسات لإدارة الازمة ثلاث مراحل أولها تشخيص المشكلة بكل ابعادها، ثانياً اختيار استراتيجية مناسبة للعلاج، ثالثا وأخيراً تنفيذ الحلول والعملية مع ضرورة رصد المتغيرات فيها، فهل مؤسساتنا تفتقر لمثل هذه الاستراتيجيات؟
أن أول علاج لأي مشكلة تتمثل بالاعتراف بوجود الخطأ، وهذا ما يجب أن تعمل عليه المؤسسات الحكومية أو العامة كي تعزز مصداقية عملها، بالاضافة إلى ذلك فأنها تعمل على زيادة الثقة بين الافراد والمؤسسات، فالمؤسسة القادرة على احتواء المشكلة هي المؤسسة التي تبني علاقتها على اساس المصارحة والوعي بمكامن الخطأ أو الضعف في المؤسسة، فالاعتراف بالخطأ يدل على التفاعل المستمر لحل المشاكل التي من الطبيعي أن تتعرض له أية مؤسسة في العالم، ولكن للأسف فثقافة الاعتراف بالخطأ لا تشمل اعمالنا اليومية، بسبب الظن بأن الاعتراف بالخطأ ضعف قد يؤثر على نظرة الآخرين لنا، وتلك اشكالية مرتبطة بالتكوين الاجتماعي في الوطن، وما علينا سوى أن نتقبل اخطاءنا بصورة تجعلنا قادرين على تقبل الاعتراف به كي نستطيع أن ننزع من أنفسنا صفة التعالي واحتكار مفهوم الصح.


نشرت في جريدة الرؤية بتاريخ 17/ابريل/2013

ليست هناك تعليقات: