أقوال

إن الأمة المستعبدة بروحها وعقليتها لا تستطيع أن تكون حرة بملابسها وعاداتها .(جبران خليل جبران) _______ الصمت ينطق، والخوف ينتصر على نفسه، والجدار السميك يصبح أشلاء متهاوية على الأرض. (عقل العويط)

الخميس، 9 مايو 2013

لماذا المرأة في الجمال ملعونة؟!


ذهبت لمركز تجميل، (أتعامل لديهم)، كي أنظف حواجبي من تلك الشعيرات الصغيرة المتطايرة، لتخبرني الفتاة التي تعمل هناك أن صاحبة الصالون منعت نتف الحواجب، لأسألها عن الأسباب بعد أن كان في السابق لا مانع من هذا؟ فترد علي لأن صاحبة الصالون رجعت من العمرة بالأمس! وأعاود سؤالها وماذا في هذا؟ فتجيبني لأنه حرام!!
انتشرت خلال الفترات الماضية تلك الفكرة في عدة صالونات مختلفة في المناطق، ومن ثم اضيف بندٌ جديد يقيد حرية المرأة ويزيد من احتقارها لنفسها كي يكون مستساغاً من قبل افراد اعتبروا أنفسهم أوصياء على حريات الآخرين، فعند الرجوع لحديث الرسول الذي نهى عن نتف الحواجب فهو يذكر الحواجب ووصلة الشعر والوشم "لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله" أو "لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ" والحكمة من التحريم بحسب الأحاديث أن نتف الحواجب تغيير في خلق الله، واثناء البحث بشأن هذا الموضوع وجدت حديثا مختلفا يأمر بتغيير في خلق الله وأقصد هنا الختان ونتف الإبط وقص الشوارب بالنسبة للذكور "(الفطرة خمس، أو خمس من الفطرة: الختان والاستحداد وتقليم الأظفار ونتف الإبط وقص الشارب)". نجد أن المرأة ملعونة إن حاولت أن تتجمل، والرجل مستحسن أن يتجمل! فهل الختان لا يعتبر تغييرا في الخلق؟ أو هل نتف الابط وإزالة الشعر في المناطق الحساسة من جسد المرأة والرجل لا يعتبر تغييرا في الخلق؟ نلاحظ هناك التناقض الذي يضعه البعض ممن يعتبرون أنفسهم متحكمين في مصائر الناس في تحديد المواضع التي تعتبر تغييرا في الخلق والمناطق التي لا تعتبر تغييرا في الخلق، فهناك من يقول أن نتف الحواجب قد يسبب أوراما سرطانية، ماذا عن الختان الذي قد يسبب أمراضا كذلك؟
وبالرغم من تناقض الحديثين وعدم معرفة متى ذكرا وفي اي واقعة بالضبط ومدى صحة نسبهما للرسول نجد أن المناهج الدراسية تداولتهما ولقنتهما للطلاب بدون اثبات صحتهما واسبابهما وموضوعيتهما في التغييرات التي يمر بها وضع المرأة في المجتمع، وهذا يدل على أن المناهج لا تستقي معلوماتها من البحث والتأكد والتفكيك بل من التلقين والاذعان، وهناك من أجاز للمرأة المتزوجة أن تتزين لأجل زوجها، وماذا عن المرأة غير المتزوجة لماذا يحرم عليها ذلك، وهل فعل المرأة شنيع كي تطرد من الرحمة وتلعن لأجل رغبتها أن تكون جميلة فقط؟! "إن الله جميل يحب الجمال"، "وأما بنعمة ربك فحدث" فالجمال مكون أساسي في الحياة وباعث للحب والرحمة والإبداع والطمأنينة بكونه جزءا من بحث الإنسان عن بواطن الجمال في الكون عامة وفي ذات الإنسان خاصة.
المرأة بطبيعتها تحب أن تكون في أجمل صورة وأبهى حلة، وتبذل قصارى جهدها في الاعتناء بنفسها، وهذا الحديث يتعارض مع حب المرأة للجمال، فهناك من النساء من تمتلك حواجب كثيفة شبيهة بحواجب الرجال "لعن الله المتشبهات من النساء بالرجال" وهذا حديث آخر يلعن المرأة حينما تتشبه بالرجل، ويلعنها حين تهتم بجمالها، فهل اهتمامها بجمالها سبب للعنتها؟ وهل أن تكون شبيهه بالرجال كذلك سبب في لعنتها؟
تجميد النصوص والشرائع وحدية قوانينها تعرض الافكار للقمع والكبت، ونحن بحاجة لمناقشتها وتفكيكها وإعادة تأويلها تأويلاً انسانيا كي تتناسب مع تطورات ومستجدات الأحداث في المجتمع، وهذا من الضرورة كي يتقبل الآخرون أبعاد الرؤى المختلفة للأفكار، فهناك تحركات ملحوظة في المجتمع من قبل جماعة تقف في وجه تطور الحركة النسائية في المجتمع بنشر الأفكار البالية فقط كي يكون وضع المرأة وجها أساسياً لإعلانهم على أفكارهم القمعية، فالمرأة بالنسبة إليهم كائن مقهور وطوعي وقادرين على بث تلك الأفكار إليها، ومن ثم يسيطرون بعد ذلك على المجتمع، وسلاحهم في ذلك تحقير فكر المرأة وترسيخ دونيتها في ذاتها.


نشرت في جريدة الرؤية بتاريخ 9/مايو/2013م


ليست هناك تعليقات: