أقوال

إن الأمة المستعبدة بروحها وعقليتها لا تستطيع أن تكون حرة بملابسها وعاداتها .(جبران خليل جبران) _______ الصمت ينطق، والخوف ينتصر على نفسه، والجدار السميك يصبح أشلاء متهاوية على الأرض. (عقل العويط)

الخميس، 16 مايو 2013

البيئة المدرسية بين التحنيط والتجديد




الحاجة إلى اعادة التفكير في التطوير المهني لمستقبل التعليم من القضايا الملحة والضرورية باعتبار التعليم والتعلم من أهم الاساسيات التي لا ينبغي تجاهلها في ظل التطور التقني والتكنولوجي الذي يمر به العالم بخطى متسارعة، والدراسات والبحوث الواجب العمل عليها هي من الأهمية بحيث أنها تعمل على معرفة الاحداثيات المتعلقة بالتطور في المجال التعليمي، فالتطور لا يقتصر على الأدوات التعليمية فقط بل يشمل أسلوب المعلم الواجب أن يتماشى مع مستجدات المعلومات والتقنيات التي أصبح يملكها غالبية الافراد حتى في الصفوف الاولى من عمر الطالب في المدرسة، وكاستقراء للوضع التعليمي بصفة عامة؛ هل سيكون للمعلم دور في المستقبل في فتح نافذة جديدة للطالب؟
لو بحثنا في تاريخ التعليم نجد أنه كان ينحصر في مجموعة معينة وصغيرة من افراد المجتمع كان للمعلم دوراً وتأثيراً قوي في اكتشاف العوالم المخفية والغير مكتشفة في ظل صعوبة استقاء المعلومات والاخبار في السابق، فلم تكن تتوفر تلك المعرف المختلفة لدى جميع عامة الافراد في المجتمع، وليس كمثل ماهي عليها في الوضع الحالي مع توافر التقنية وتسارع التكنولوجيا الرقمية، التي أصبح فيها المعلم مقتصراً على الاشراف والتوجيه لتلك المعلومة، ولهذا يجب أن يستمر دور المعلم في البحث ودراسة المتغيرات المنهجية لدى المؤسسات التعليمية في العالم، فوضع المعلم يشابه وضع الطالب، فهو لا يزال يدرس كل العلوم والقواعد لابتكار وسيلة متجددة لإيصالها للطالب بصورة صحيحة وسليمة وسلسة، عن طريق الورش التي يستفيد منها المعلم لآخر المستجدات في الأسلوب التعليمي التي تمر بها المؤسسات التعليمية المتطورة في العالم.
بالتأكيد أن البيئة  المدرسية لها دور رئيسي لانتقال المعرفة إلى الطالب في فترة زمنية محددة، فالتطورات التي مرت بها المجتمعات فيما يختص بالجانب السياسي في الجانب التعليمي أصبح حضور الطالب إلى الصفوف الدراسية إلزاميا، ولكن ما تحتاج إليه كل مدرسة حالياً تعديل أوضاعها وأدواتها داخل المشهد التعليمي، وأقصد خلال الحصة الدراسية في الفصل، سواء من حيث شكل الصفوف أو الاستراتيجية المتبعة في التدريس والهدف منها، وصولاً إلى الادوات الواجب توافرها في الحصة الدراسية، فالمتغيرات الحاصلة في استقاء الاخبار والمعلومات عبر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بالتطبيقات المحمولة ( مثل أجهزة الكمبيوتر المحمولة والهواتف المحمولة ذات التقنية العالية) وتطبيقات الاتصالات الجديدة ( مثال عليه المواقع الالكترونية للتواصل والشبكات التعاونية) سمحت لأي مستخدم من أي مكان وفي أي وقت سهولة الوصول للمعلومة والخبر، ونحن بحاجة شديدة إلى تحول التعليم للكفاءات الرقمية جنبا إلى جنب مع مهارات الاتصال الحديثة فيما يتعلق بإدخاله إلى مجال التعليم على نطاق واسع وبطريقة فعالة وإيجابية بما تخدم وتساهم في التطور المنهجي للتعليم.
وكمقترح يساعد على ضم التعليم الرقمي إلى دائرة الاهتمامات لدى المناهج الدراسية في مؤسساتنا التعليمية ويساعد على جعل الطالب قادراً على التواصل مع الحصص الدراسية بصورة ابتكاريه ومبدعة ومشوقة ومتطورة، أقتراح إلغاء الكتب الدراسية الورقية من دائرة التعليم في صفوف العاشر حتى الثاني عشر، واستبدالها بالتقنية الرقمية كمتصفح يضم في المنهج الدراسي لكل مادة كاملاً في المواقع الالكترونية، ويتم توفيرها من قبل وزارة التربية والتعليم لكل طالب من صفوف العاشر حتى الثاني عشر ومن ثم يتطور تباعاً في إدخاله في السنوات التالية لكل المراحل الدراسية، لتكون الحصة الدراسية عبارة عن حلقة نقاش وحوار وتدريبات عملية لكل ما ضمتها تلك الدروس والاسئلة في الشبكة الالكترونية لكل مدرس، بحيث يكون لكل معلم موقع الالكتروني خاص به في المجال التعليمي من أجل الطالب للاستفادة منه والرجوع إليه وقت ما يرغب به ، كما تتوفر به شروحات مقاليه للدروس يرجع إليها الطالب في اي مكان واي وقت مع إضافة اشرطة فيديو كأمثلة تساعد على فهم المادة، وبالتالي تساهم هذا التقنية الجديدة في أن يتابع المعلم اثناء الحصة المدرسية الطلبة الذين يعانون من صعوبة في فهم المادة، كما أنها تقلل من ثقل الشنطة المدرسية التي سببت للأسف إهمال طلبة صفوف العاشر حتى الثاني عشر في الاعتناء والاهتمام بالكتب المدرسية بحجة نسيانها في البيت، بالإضافة إلى أن استبدال الكتب الورقية بالأجهزة الالكترونية (الاي باد) تقلل من النقص الذي يحصل كل عام بشأن توفير الكتب الورقية للطلبة، وهذا التقنية تعزز وتقوي الجو المدرسي بداخل الحصة الدراسية حيث سيعمل المعلم على ابتكار تقنية جديدة تساهم في تقوية التواصل مع الطالب، وبالتالي يصبح المعلم مشرفاً ومتابعاً وموجهاً لسير العملية التعليمية أكثر من كونه ملقناً.
أساس التعليم هو في تفرد وتميز المحتوى والادوات وطرحها بصورة جديدة وفريدة بترك الثابت والمتجمد والبحث عن المتغير والمتطور، والمتغير يشجع على نمو الافكار وينمي الرغبة بالابتكار كما أنه يخلق افراداً مفكرين قادرين على صناعة القرار وتحديد رغباتهم المهنية، ولا يتم ذلك إلا عبر المؤسسة التعليمية فإذا كان المنهج التعليمي ذا أسس قديمة ونظام غير متجدد تصبح النتيجة مخرجات تعليمية لطلبة المدارس متشتتة وغير نظامية بسبب محاولاتها التمرد على منهج دراسي قابل للتحنيط، ولا يتم معالجة الاشكالية إلا عبر دراسات وبحوث تعمل على معرفة مستجدات التطور التعليمي في العالم، وبالرغم من أن وزارة التربية والتعليم أقامت ورشات عمل لتدريب المعلمين على التعليم التكنولوجي، ولكن للأسف لم يتم حتى الآن تطبيقها، فإلى متى هذا التباطؤ في التفعيل العملي للمنهج التكنولوجي في المدارس؟

نشرت في جريدة الرؤية بتاريخ 16/مايو/2013م

ليست هناك تعليقات: