أقوال

إن الأمة المستعبدة بروحها وعقليتها لا تستطيع أن تكون حرة بملابسها وعاداتها .(جبران خليل جبران) _______ الصمت ينطق، والخوف ينتصر على نفسه، والجدار السميك يصبح أشلاء متهاوية على الأرض. (عقل العويط)

الأربعاء، 20 فبراير 2013

لا للتستر على العنف



يتعرض كثير من الاطفال لسوء المعاملة " الجسدية والنفسية " من قبل الأهل أو من قبل الآخرين حولهم، فسوء المعاملة قد يحدث في المنزل أو المدارس أو في المجتمع القريب من الطفل، وتتمثل صور تلك الإساءة بالإهمال أو العنف الجسدي أو النفسي أو الاعتداء الجنسي، وتشير الاحصائيات إلى أن أكثر من 5 أطفال يموتون كل يوم نتيجة لإساءة المعاملة، وحوالي 80% نسبة الأطفال الذين يموتون تحت سن 4 سنوات، كما أن الاساءة للأطفال يحدث لدى كل المستويات الاجتماعية والاقتصادية، مهما كانت الاختلافات الثقافية والعرقية أو الدينية في المجتمع أو لدى الافراد، وسأحاول في هذا المقال أن اسرد عواقب سوء المعاملة والاهمال على نفسية الطفل حتى سن الرشد.

رعاية الاطفال تتطلب الكثير من العوامل التي تساعد على تنشئة الطفل بطريقة صحيحة وصحية، وليس بكثرة الانجاب الاطفال بل بالطريقة التي يتم خلالها تربيته والمساهمة في تعليمهم وخلق فرد قادر على التعامل مع الحياة بدون اساءة أو عنف، فكثير من العنف الموجه ضد الاطفال اسبابه اقتصادية، واقصد هنا عدم مقدرة الاسرة على توفير الرعاية المادية للطفل، مما تؤدي إلى حالة هستيرية من الغضب سواء من قبل الأب أو الأم الذي سيصب ويفرغ شحنات الغضب في الطفل، وكذلك  من ضمن اسباب العنف ضد الأطفال النظرة الخاطئة التي تتبعها بعض الثقافات في المجتمعات العربية على أن الضرب أحد طرق التربية، فيقع الطفل تحت وطأة ولي أمر يقوم سلوكياته بممارسة العنف ضده والاساءة إليه بالضرب كعنف جسدي أو بالتهديد والتخويف كعنف نفسي، وهناك كذلك العنف المورث من العادات القديمة مثال عليه ختان البنات الذي يعد من أخطر أنواع العنف التي تتعرض له الفتاة في صغرها ويؤثر كثيراً على حياتها في المستقبل بعد ذلك، وهناك دراسة تؤكد أن الاسر التي تكون نسبة المشاكل متزايدة يتعرض اطفالها للعنف والاساءة، وأود أن أضيف أن الزواج في سن الصغير من قبل الأم أو الأب يؤدي بصورة غير مباشرة إلى العنف للأطفال حين لا يكون الأهل قادرين بوعي في تربية الطفل بصورة صحيحة وعدم وعيهم بالاستراتيجيات والمهارات لتنشئة الاطفال  ، كما أن المشاكل النفسية التي تعرض لها الرجل أو المرأة قبل الزواج أو بعد الزواج قد تكون عامل في الاساءة للطفل.

التأثيرات النفسية للإساءة للأطفال تؤثر بشكل كبير في مجريات حياته في المستقبل، فهناك دراسة لدى العيادات النفسية في أن أحد أسباب الانتحار تكون غالبا بسبب العنف في الصغر، فأثر الاعتداء للأطفال قد يكون من ضمن الاسباب الرئيسة للانتحار، وكذلك قد تؤثر الممارسة العنيفة ضد الطفل على ظهور ممارسة العدوانية لديه مع من حوله أن لم يتم علاج هذه الحالة، أو يصبح فرد ضعيف الشخصية لا يقوى الدفاع عن نفسه، ومن ضمن أخطر التأثيرات للمعرضين للعنف التجاؤهم لتعاطي المخدرات وأدمنهم، وبالتالي أنتشار المدمنين عليها في المجتمع.

وهناك التأثيرات الجسدية للإساءة التي تؤدي غالبا إلى عاهات عقلية ونفسية لدى الأطفال تستمر معهم طوال حياتهم، وتظهر صور بعض من تلك الاساءات الجسدية التي تؤدي للإعاقة العقلية لدى بعض طلبة ذوي الاحتياجات الخاصة في المدارس، أو اهمال الاسرة الذي يؤدي إلى حوادث تؤثر على حياة الطفل الصحية والجسدية، والاساءة الجنسية التي تمارس ضد الطفل وكثيرا ما يغض الطرف عنها بسبب عدم المبالاة بسبب المفهوم الخاطئ لمنع الحديث عنها، وبسبب الاهمال الاسري من قبل العائلة، وعدم ثقة الأب أو الأم بحق الدفاع عن طفلها، وبالتالي تؤثر تلك الإساءة الجنسية للطفل في كل مراحل حياته متمثلة بالخوف وانعدام الثقة بالمجتمع و الكآبة، وعدم مقدرته على الدفاع عن نفسه بالمستقبل أن لم يتم علاج تلك الحالة.

وبمناسبة الحديث عن العنف ضد الاطفال فقد أقيم في السلطنة بداية الاسبوع مؤتمر الطفولة الاول الذي أخرج بتوصيات تركزت على توفير رعاية صحية للأطفال وإنشاء مراكز ترفيهية للأطفال، والتشجيع على استخدام التكنولوجيا في المدارس، ودعم الاطفال الموهبين، وكذلك كان أحد أهداف المؤتمر تعزيز جهود الجمعيات الأهلية والقطاع الخاص للمشاركة الفعالة في مجال حقوق الطفل، وكل ذلك يشكر عليه أن تم المسارعة بتحقيق تلك التوصيات بجدية، ولكن المؤتمر أغفل العنف الممارس ضد الاطفال في المجتمع، وتحديداً العنف والاهمال الذي يحدث من قبل الأسرة، فما هي التوصيات المتوجب المسارعة بتفعيلة والسير على تحقيها حول هذا الأمر؟ وما هو دور لجنة الشؤون الاجتماعية للحد من هكذا عنف يمارس ويؤدي بصورة سلبية لخلق فرد منعدم الثقة ومهضوم حقه وحريته في الدفاع عنه، نحن بحاجة إلى تدخلات لمنع ازدياد العنف والاساءة للأطفال، ووجوب مراقبة المؤسسات التعليمة للأطفال الذين تعرضوا للعنف والوقوف حول أسبابها وعلاجها، ووجود لجان تهدف إلى خلق حوار بين الوالدين والطفل للوصول لحل تلك الأزمة ومنع استمرارها ومحاسبة الأهل الذين يعرضون اطفالهم للإهمال أو العنف الجسدي أو النفسي، كما يجب عدم التغاضي للحالات التي تصل إلى المستشفيات للأسباب التي أدت للعنف والتي تظهر على جسد الطفل، بل يجب تفعيل لجان لمحاسبة الاهمال والاساءة الواقعة في الطفل.

المجتمع الذي يهمل محاسبة الاهمال والاساءة للطفل غالبا ما يكون مجتمعاً منعدم الثقة في قوانينه ويخلق أفراد ينقصهم الابداع والقدرات المتميزة في ظل بيئة غير صحية لنمو الطفل وبالتالي تؤثر على الفرد الراشد بعد ذلك، كما تخلق فرد تهتز ثقته بنفسه وتؤدي إلى ظنه الدائم إلى أن أسباب ممارسة العنف بحقه مشروع بسبب عدم وجود قوانين تطبق لإيقاف ومنع الاساءة إليه في طفولته، وفي الاخير فالعنف الاسري ليس مبررا وغير مقبول بتاتا لتربية الاطفال مهما كانت الأسباب.
 
مقالي المنشور بجريدة الرؤية بتاريخ 20/ فبراير/ 2013

 

 

 

 

 

هناك تعليق واحد:

umzug يقول...

Thanks to topic